استعادت كنيسة في المكسيك لوحة للقدّيس فرنسيس الأسيزي—القديس الذي سُميت الكنيسة باسمه—بعد أن سُرقت قبل قرابة ربع قرن. الكنيسة الواقعة في تيهوتيوكان، على بعد نحو 25 ميلاً شمال شرق مكسيكو سيتي، تعرّضت لاقتحام ليلي في السادس من يناير عام 2001، حين سُرقت حوالي 18 قطعة فنية، من بينها لوحة “القدّيس فرنسيس الأسيزي” (1747) التي يبلغ ارتفاعها حوالى ستة أقدام وكانت معلّقة في الكنيسة لما يزيد على قرنين من الزمن. كما أُخذت سبع لوحات مصغّرة من القرن السابع عشر كانت مدمجة في مذبح الكنيسة؛ تلك اللوحات لا تزال مفقودة، والمُنفّذون لم يُحقَّق في هوياتهم بعد. أبلغت الكنيسة عن السرقة على الفور الإنتربول، وأُدرجت الأعمال لاحقاً في سجل الأعمال المفقودة، الذي يتضمن حوالى 700 ألف قطعة فنية وأثرية ومقتنيات مفقودة.
دار المزادات في مكسيكو سيتي “مورْتون سوباستاس”، التي تأسست عام 1988 (باسم Louis C. Morton Galleries في بداياتها) وتتعامل في التحف والفنون الحديثة والمعاصرة والمجوهرات والنبيذ ومقتنيات أخرى، كانت قد استلمت اللوحة كوكالة بيع. كانت مُدَرجة في مزاد عام 2018، لكن وضعها كشف عندما قدَّمت دار المزادات كتالوغها إلى سجل الأعمال المفقودة كجزء من إجراءات العناية الواجبة الروتينية.
اللوحة، التي أنجزها فنان غير معروف، تُقدَّر قيمتها بنحو 280,000 بيزو مكسيكي (ما يُعادل حوالي 15,000 دولار). الموكِّل اشترى العمل من تاجر مكسيكي ادّعى أن للعمل سِجلاً مُتعلِّقاً بولاية تكساس. يَحتَمِل أن يكون الجناة جزءاً من شبكة سرقة متقنة التنظيم؛ فقد كانت كنيسة تيوتيهواكان إحدى كنيستين تعرّضتا للسرقة في ذلك الشهر؛ وأفاد خبراء من المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ لصحيفة Jornada حينها أن الخسائر في دير سان أغوستين أكولمان، حيث سُلِبَت عشر لوحات من القرن الثامن عشر، كانت «لا تُقاس».
شارلوت تشامبرز-فراه من سجل الأعمال المفقودة (في الوسط) مع الأب تيودورو غارسيا روميرو (يسار) ومسؤولي كنيسة سان فرانسيسكو دي أسيز في تيوتيهواكان، المكسيك.
(بإذن من مورْتون سوباستاس)
«استرجاع لوحتنا ذو دلالة لا تُوصف لإيمان الأهالي المحليين ويعيد جزءاً من تاريخ مجتمع تيوتيهواكان»، قال الأب تيودورو غارسيا روميرو. «على مدار عقدين كنا نخشى أن يضيع هذا الكنز إلى الأبد. عودته تمثّل لحظة فرح وإيمان لكنيستنا ومدينةٍ بأسرها، إذ نعلم أن هذه آتٍ ستكون فارقة في حياة المجتمع.»
تصوّر اللوحة القدّيس بكامل قامته، حاملاً جمجمة في يد وصلباً في اليد الأخرى. تظهر على يديه وقدميه علامات الوِصم (الستغماتا)، التي تقول التقاليد العقائدية إنها نالتها من ملَك بعد اعتكاف روحي. يقف حمل عند قدميه، وفي المقدمة شخصية صغيرة تمثّل الراعي أو الموكِّل راكعةً في حالة دعاء أمام القدّيس.
فرنسيس (1181/82–1226) أسّس رهبانيّات عديدة وجذب آلاف الأتباع بشخصيته الكاريزمية وتفانيه في التقشّف؛ وهو شفيع ليس إيطاليا فحسب بل أيضاً للبيئة والحيوانات. يحضر في الفن الغربي بشكل بارز، وقد صوّره فنانون أمثال جوتّو، وجيوفاني بيلّيني، وجوسيب دي ريبيرا، وبيتر بول روبنز.
تأتي عودة اللوحة في وقت تتزايد فيه جرائم سرقة الأعمال الفنية والتحف الثمينة عالمياً. من بين أبرز تلك السرقات ما جرى صباح أحد أيام الأحد في أواخر أكتوبر حين هرب لصوص بقلادةٍ وجواهر تُقَدَّر قيمتها بـ102 مليون دولار من متحف اللوفر في باريس. في اليوم نفسه اقتحم لصوص متحفاً فرنسياً مُكرَّساً للفيلسوف دينيس ديدرو، واستولوا على نحو 2000 قطعة من النقد الذهبي والفضي. وبعد أيام اقتُلِعَ أكثر من ألف قطعة من مخزن خارجي تابع لمتحف أوكلاند في كاليفورنيا.
«مع تصاعد سرقات المؤسسات العامة والكنائس، يمنحنا هذا الاسترداد أملاً ليس فقط للضحايا الأفراد بل للمجتمعات بأكملها»، قالت شارلوت تشامبرز-فراه، مديرة تطوير الأعمال وإدارة العملاء في سجل الأعمال المفقودة. «إنها تذكير بأن التراث الثقافي المسروق، الذي يتمتّع بقيمة تاريخية هائلة، يمكن أن يُعاد إلى موطنه الشرعي. ويجب أن تُقدَّر دار مورْتون سوباستاس أيضاً على مستوى عالٍ من إجراءات العناية الواجبة التي أدّت إلى تحديد اللوحة عبر السجل، وعلى كرمهم في المساعدة على إعادتها.»