«السلطات هناك تكرهني في الغالب. والإحساس متبادل إلى حد كبير»، يقول ذلك ببساطة.
رفض السلطة موضوع متكرر لا يغيب عن معظم أعماله. تنحّي تجسيداته الحذِر من قِبَل الأقوياء مكان الصدارة؛ فالوسائط بصفتها آليات للتصوير التاريخي كانت دوماً تُستغل لتوقير القادة وإضفاء الشرعية على الدولة. من «ديفيد» لمايكل أنجلو إلى نصب طواقم الدبابات السوفييتية، تُحوّل التماثيل السلطة إلى شيء مرئي وشرعي.
تشويه التماثيل كان وسيلة معروفة عبر الأزمان لانتقاد الحكومات وإعلان إسقاط جيلٍ قديم من السُلطة. حتى قدماء المصريين اعتقدوا أن نزع أنف التمثال يحرم الروح المقابلة من التنفّس، وأن اقتلاع الأذنين يجعلها صمّاء عن الأسفار والدعاء.
تشيرني يستثمر النحت لزعزعة الحسّ بالقداسة عند المتلقّي. هو صريح في مقابلاته بشأن امتعاضه من عودة الفاشية في العالم، والصراع مع ذلك الموج واضحٌ في خطه الفني.
«للأسف، لست نجم روك. ولو كنت كذلك لربما كتبت أغنيات احتجاجية. لذلك أستخدم وسيلتي. بالنسبة لي، كل عمل يحمل رسالة. وبصفة عامة قد أدرج أحياناً بيانات سياسية حادة في الفن، وربما سأستمر في ذلك»، يقول.
يلعب السخرية والبُعد السريالي دورين محوريين في إحداث تطهير عاطفي يُأنس الرسالة ويقربها إلى الجمهور. «أعتقد أن الفكاهة — أو ربما السخرية — تُضخّم الرسالة. على أمل ذلك».
عمله «المتملّقون» يجسّد هذا المنهج. تمثال طوله سبعة أمتار ونيف من عام 2003 هو تركيب دائم في الحديقة الخلفية لـFutura، المساحة الفنية المعاصرة الحرة في براغ. بعد نفقٍ تحت الأرض، يصل الزائرون إلى جدار أبيض عالٍ.
ينبثق من الجدار جذعان مدعومان بساقين عملاقتين. سلم موضوع بين الساقين يؤدي إلى ثقب في مؤخرة التمثال. يُتوقَّع من الزوار إدخال رؤوسهم في الفتحة لمشاهدة فيديو لسياسيَيْن يطعمان بعضهما البعض بألفاظ ومشاهد بذيئة، بينما تُعزف أغنية فرقة «كوين» «نحن الأبطال».
هذا الحسّ باللعب والميول التفاعلية حاضر في معظم أعماله. مثال آخر من 2004 بعنوان «تبول» أمام متحف كافكا: يقوم عملان من البرونز عاريان واقفان في بركة مياه مُشكّلة على حدود جمهورية التشيك. يواجه كل منهما الآخر ويمسكان أعضاءهما الذكرية اللذين يفرزان نفاثات ماء في البركة ويكتبان اقتباسات لسياسيين. (الأجسام مُحرّكة آلياً لتقليد التبول بشكل واقعي.)
يستطيع المتفرجون المشاركة بإرسال رسالة نصية إلى رقم موضوع بجانب العمل؛ ستقوم الأشكال بتهجي الرسالة وتعود تلقائياً إلى واجبها السياسي ــ المدني. مهما كان مضمون النص، نادرًا ما تخلو أعمال تشيرني الجديدة من الجدل، فتثير سواء التأييد والإشادة أو الدعوات لإزالتها.
تولد الأفكار الأولية لهذه القطع وعملية تحقيقها منطقاً خاصّاً يعكس تفرد الفنان نفسه. يقول تشيرني: «تختلف عملية كل تمثال تمام الاختلاف، حتى بين عمل وآخر. أحياناً تستيقظ بعد علاقة حميمة مثالية وتراودك فكرة كوميضة في الذهن. وأحياناً تحاول حلّ مشكلة أسابيع. بالنسبة لي، أفضل مصدر إلهام هو دائماً اقتراب المهلة النهائية».
مشروعات جديدة وتوسيع ممارسته الفنية امتصت معظم وقته مؤخراً. ثمة مشروع بانتظار التركيب في قطر، وعمل كبير يجري لوس أنجلوس، ومشروعه المعماري الجديد Black’n Arch يحمل مشروعين أو ثلاثة «مباني مجنونة» لبراغ.
«معظم المشاريع الإنشائية سرية في هذه المرحلة»، يقول، «لكن هناك الكثير جارٍ. أنا بالتآكيد أتأرجح بين العمارة والنحت وأشياء أخرى. بصراحة، قد أشعر بالملل لو لم أتمكن من العودة إلى النحت دائماً».
هناك مشروع واحد يلوح في الأفق البعيد يأمل أن يطرق يومًا: تمثال عام في مدينة نيويورك. يتذكّر سنواته في مانهاتن بمودة؛ ومع حبه الصادق للأحياء، تخلفت هذه المدينة الكبرى عن طلب عملٍ له في فضائها العام.
«ما زلت أنتظر عرضاً من نيويورك الحبيبة»، يقول تشيرني. «أظنّ أنه ينبغي أن يكون عملاقًا — قطعة حركية كبيرة عن طاقة التفاحة الكبيرة!»
نُشر هذا المقال أول مرة في العدد 53 من مجلة Hi‑Fructose. احصل على أحدث أعدادنا وادعم ما نقوم به بالاشتراك في Hi‑Fructose.