أرسلت مجموعة حملات تُدعى «الحرية في الفنون» (Fita) رسالة رسمية إلى جامعة ليستر في المملكة المتحدة تهدد فيها بملاحقة الجامعة قضائياً بسبب نشر إرشادات وُصفت بـ«المضللة» بشأن تعزيز إدماج المتحوّلين جنسياً في المتاحف والمعارض. وطالبت المجموعة بأن تُزال هذه التعليماات المعنونة «ثقافة شاملة للمتحولين جنسياً» من موقع الجامعة فوراً.
نُشرت الإرشادات قبل عامين عن مركز أبحاث المتاحف والمعارض في الجامعة، وهي تعرض إطار عمل للمؤسسات الثقافية يهدف إلى «إيجاد فضاءات عامة ومواقع عمل شاملة». تتناول الوثيقة قضايا قانونية وأخلاقية تتعلق بإدماج المتحوّلين جنسياً، وتؤكد أنه يجب إعطاء هذا البُعد أولوية مماثلة «لبقية أشكال التحيز والتمييز».
تدعم هذه الإرشادات عشرون مجموعة ثقافية وتراثية، من بينها المجلس الدولي للمتاحف – فرع المملكة المتحدة (ICOM UK) وجمعية المتاحف المستقلة (AIM).
أسّست المصممة الراقصة روزي كاي والدنيا دينيس فاهمي ــ التي كانت تعمل سابقاً في مجلس الفنون الإنجليزي ــ مجموعة Fita. تتهم المجموعة إرشادات الجامعة بتقديم تفسير مضلل لمصطلح «الجنس» في قانون المساواة لعام 2010، وتزعم أن ذلك يتعارض مع قرار المحكمة العليا البريطانية الصادر في وقت سابق من هذا العام، الذي قضى بأن مصطلحي «امرأة» و«جنس» في القانون يشيران إلى المرأة البيولوجية والجنس البيولوجي فقط.
أثار هذا الحكم استياء منظمات مجتمع الميم (LGBTQ+) العاملة في قطاع الفن والثقافة في المملكة المتحدة، التي حذرت من أن الحكم قد يصعّب حياة المتحوّلين وغير المطابقين جنسياً. ورغم أن الحكم ينطبق على نطاق أوسع يتضمّن الأماكن المخصصة لنفس الجنس، فقد ركّزت المناقشات الأكثر حدة على مسألة الوصول إلى دورات المياه في المتاحف والمعارض.
تزعم Fita أن إرشادات جامعة ليستر تشجع سياسات قد تخرق القانون، مثل السماح للأفراد باستخدام دورات المياه بناءً على هويتهم الجنسانية، وأن هذه السياسات تميّز ضد الموظفين ذوي المعتقدات المنتقدة للتمايز الجندري وتثبط النقاش المفتوح في الحقل الفني.
أظهر استطلاع Fita بعنوان «خائفون من التعبير بحرية»، الذي شمل 483 عاملاً في قطاع الفنون، أن 84% منهم نادراً أو لا يشعرون أبداً بالقدرة على التعبير عن آرائهم علناً — لا سيما في المسائل المتعلقة بالجنس والهوية — خوفاً من عواقب مهنية. عرضت المجموعة تقديم مساعدة للجامعة في مراجعة الإرشادات، لكنها تقول إن عرضها رُفض في يوليو. ولم ترد الجامعة حتى الآن علناً على هذه الاتهامات.
من جهة أخرى، عبر آلاف العاملين في المجتمع الفني عن دعمهم لإدماج المتحوّلين جنسياً؛ فقد وقع أكثر من ألفي عاملٍ ثقافي على رسالة مفتوحة تدافع عن حقوق المتحوّلين وتؤكد أنهم «غير قادرين وغير راغبين في مراقبة من يستخدم دورات المياه لدينا». وجاء في الرسالة تأكيد على التضامن مع المجتمعات المتحوّلة وغير الثنائية والداخلية (intersex).
وقالت شارون هيل، المديرة التنفيذية لجمعية المتاحف: «يجب أن تكون المتاحف أماكن آمنة ومرحّبة للجميع، بما في ذلك أعضاء المجتمع المتحوّل جنسياً».
وفي تصريحات لصحيفة The Art Newspaper، قال ريتشارد سانديل، المدير المشارك لمركز أبحاث المتاحف والمعارض وأحد معدّي الإرشادات: «إذا نظرتم إلى النص الأصلي للإرشادات، فإن أبرز أجزائها تظل دون تغيير بفعل قرار المحكمة العليا؛ لأن هناك أموراً كثيرة يتعين على المتاحف أن تقوم بها، وتستطيع وتجب عليها تنفيذها بموجب واجبها في المساواة بالقطاع العام». وأضاف أن الالتزام بتعزيز إدماج المتحوّلين وحمايتهم من التمييز هو أمر قانوني وأخلاقي، وأن قرار المحكمة ليس منعطفاً يقضي بإلغاء الدافع المركزي لاستخدام الثقافة كأداة لتعزيز الإدماج.
عند طلب التعليق، امتنع العديد من الداعمين المذكورين في قائمة الإرشادات عن الحديث لصحيفة TAN، من بينهم جمعية المتاحف وICOM UK وAIM. وردّت مارغريت ميدلتون، مستشارة متاحف متخصصة في الممارسات الشاملة، وانتقدت Fita لترويجها ما سمّته «الدفاع عن خطاب نقد الجندر» وترويج نقاط حديثية واصفتها بـ«المعادية للمتحولين». وأوضحت أن النسق الفكري للنسوية النقدية للجندر يقوم على افتراض ثنائيات ثابتة للجنس تُحدد عند الولادة ولا تتغير، وأن تطبيق هذا الفكر في السياسات يؤدي إلى تمييز اجتماعي ضد المتحوّلين ويقيد وصولهم إلى الخدمات كالرعاية الصحية ودورات المياه العامة. وأكدت أن تقرير «ثقافة شاملة للمتحولين» جاء كردّ فعل على تزايد التمييز المعادي للمتحولين ويقدّم توصيات لجعل الفنون فضاءً أكثر أماناً وترحيباً.
عندما وجهت TAN بيان ميدلتون إلى Fita، ردت المجموعة قائلة: «الاحترام لأهل الهوية مهما كانت أساسي. ومع ذلك، أظهرت أبحاثنا ثقافة قمعية وخانقة في قطاع الفنون تدعمها سياسات غير قانونية. قضيتنا ضد جامعة ليستر تهدف إلى استعادة ثقافة إيجابية ومؤكدة في الفنون خالية من التمييز.»