فيلم جديد يكشف بوضوح كيف يقوّض عنف الرجال حرية النساء بصمت

يبدأ المشهد كما أي مقابلة شارع مرحة: يتوقف شابّان في موقف ويُطرح عليهما سؤال بسيط — إذا كان بإمكانكما الحصول على أي شيء في العالم، ماذا تختاران؟ لكن خلال ثوانٍ تنهار تلك الأجواء الخفيفة وتكشف الاختلافات الحادّة بين إجاباتهما عن حقيقة أعمق وأكثر إزعاجًا.

الفيلم القصير الذي أعدّه ستوديو “نايس آند سيريوس” في لندن لصالح تحالف إنهاء العنف ضد النساء (EVAW)، والذي أُطلق بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس المنظمة، صُمّم ليتناسب مع منصات مثل تيك توك. يسحب الفيلم الستار عن كيفية تشكّل حياة النساء بصمت تحت وطأة عنف الرجال، ويُظهر التاثير الخفي لهذا العنف في تضييق حيز حرياتهن، وتقليل خياراتهن، وإجبارهن على التحرك بطرق لا يفكّر فيها الرجال عادةً.

بالنسبة لتحالف إنهاء العنف ضد النساء، يُعدّ المشروع تأمّلًا في عقدين من الحملات ودعوة ملحّة للمستقبل. يتحدى الفيلم الطريقة التي يُصاغ بها خطاب العنف ضد النساء والفتيات في المجال العام — حيث تهيمن حالات فشل الشرطة، والقضايا القضائية، والحوادث المثيرة للعناوين — ويركّز بدلًا من ذلك على العواقب اليومية الخفية التي نادرًا ما تحتل صفحات الأخبار.

كما تقول أندريا سايمون، مديرة EVAW: “عنف الرجال يشكّل حياتنا بطرق شتى، يقيد حرياتنا ويكرّس عدم المساواة من خلال منعنا من ملاحقة أحلامنا. للنساء الحق في الوجود دون أن يصغرن حياتهن خوفًا من العنف الذكوري. نعلم أن العنف ضد النساء ليس أمرًا محتوماً، وأن عالمًا مختلفًا ممكن.”

الفكرة الإبداعية وُلدت من فعل بسيط نفعله بلا وعي: التمرير الذي لا ينتهي عبر الشاشات. كما تشرح هايلي دنلوب، كاتبة النصوص في نايس آند سيريوس: “لا شيء يوقف تمريري المتواصل بسرعة مثل مقابلة شارع عفوية — ثمة شيء لا يمكن مقاومته في مشاهدة أشخاص عشوائيين يجيبون عن أسئلة عشوائية.”

يقرأ  هل لحمك مرتبط بإزالة غابات الأمازون؟تقرير يكشف ثغرات في سلاسل التوريدأخبار البيئة

قاد هذا التصوّر الفريق إلى إعادة تخيّل صيغة فيديوهات الشارع على تيك توك كحمل داخل حصان طروادة يحمل رسالة أعمق. من خلال طرح سؤال تبدو إجاباته عادية ومقارنة ردّ فعل شابة وردّ فعل ‘صديقها اللطيف تمامًا’، يكشف الفيلم الفجوة الشاسعة بين واقعيْهما — ومدى ترسّخ الخوف في طريقة تنقّل النساء في العالم.

“نحن نكشف بوضوح كيف أن تجارب الوجود في هذا العالم مختلفة جذريًا — وبشكلٍ جوهري يلقى صدى لدى الرجال بقدر ما يلقى لدى النساء”، توضح هايلي.

تؤكد المخرجة سرافيمـا سيرافيموفا أن قوة الفيلم لا تكمن فقط في رسالته، بل في طريقة تقديمها. “ما يميّز هذا الفيلم أنه لا يكتفي بكشف المشكلة — بل يشير إلى حلول. إنه نداء عاطفي من أجل مستقبل أكثر أمانًا وحرية، حيث لا تضطر النساء لقياس كل خطوة بخفوت.”

بدلًا من الاعتماد على أساليب الصدمة أو الصور الصادمة، اختارت الحملة نهجًا دقيقًا ومشحونًا عاطفيًا، يستحثّ التفكير ويثير التعاطف دون افتعال أو تمثيل مفرط.

أضف تعليق