«حين كنت أدرس في الجامعة، كنت منصتة تمامًا لمهمة مزج ما كنت أعتبره قوتين متضادتين: الإنسان — العضوي والطبيعي — والآلة — الجامدة وغير الطبيعية. مع مرور الوقت بدأ يتبدد لديّ هذا الانقسام الظاهري، فترأت لي روابط شكلية ومفاهيمية أعمق وتبنّيت رؤية أكثر كُلّية. شرعت في تعلّم النمذجة ثلاثية الأبعاد وبرمجة الحاسوب بحثًا عن أشكال جديدة، عن شيء ينسجم مع إحساسي. هكذا اصطدمت بمفهوم منحنيات بيزير التوليديه. تعلمت من خلال درس عشوائي على يوتيوب بعض الحيل لتصميم شعر رقمي يبدو واقعيًا: الفكرة الرئيسية هي أن يختلف كل شعرة قليلاً في انحنائها وشكلها. الحل كان جعل تقوّس الخصل عشوائيًا. وفورًا أدركت أن هذه أداة رسم، وسيلة لتوليد ضربة واحدة فريدة. ومن هنا انطلقت لوحاتي».
كثير من أعمال فاينيونباي تبدأ ببرامج حاسوبية توليدية. يسهل على غير المتخصصين عند سماع ذلك أن يفترضوا تلقائيًا وجود عنصر ذكاء اصطناعي — وقد صححت الفنانة الكاتب بلطف في هذا الصدد — لكن أعمالها لا تستخدم أي تقنيات ذكاء اصطناعي أو تعلم آلي.
«هذه هي روعة أن تكون فنانًا: أن تتبع اهتماماتك، تجذب الخيوط شيئًا فشيئًا، حتى يتضح لك الطريق.»
من الضروري هنا التفريق بين ما يُولَّد فعلًا. أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Midjourney وDALL·E تصل إلى مخازن هائلة من المعلومات لتستنتج ما تريده من وصف نصي، بينما الفن التوليدي لدى فاينيونباي يستخدم فقط البيانات التي تقدّمها هي. «جزء من جمال الفن التوليدي أن الفنان يملك معرفةً عميقةً و ألفةً مع برنامجه ومدخلاته. السيطرة الإبداعية هنا أوسع بكثير، فتقلُّ الأخطاء والهَزلية الناتجة»، كما تقول الفنانة، مع ملاحظة أن بعض المصطلحات قد تحتاج توضيحًا عند العموم حول البرنامح والعمل.
أعمالها القديمة ضمن سلسلة Soft Body Dynamics كانت، كما تصف، «معتمدة على الصدفة». شبيهة بطريقة توليد الشعر الرقمي المقنعة، استُخدم في تلك الأعمال مكوّن إضافي مخصص لبرنامج Cinema4D لتوليد منحنيات عشوائية. سُمّي هذا المكوّن VVV، مزيج من الحروف الأولى لاسمها واسم شريكها وعالم البيانات هاري فالليانوس.
بعض أعمالها الحديثة تتضمن سلسلة Gaze. تستخدم هذه السلسلة VVVi، الجيل التالي من VVV، لاستيراد بيانات خام جُمِعت بواسطة نظارات تتبُّع العين التي ترتديها حين تتأمل أعمالًا فنية مفضلة أو شهيرة. يأخذ VVVi تلك البيانات إلى Cinema4D ليولد منحنيات تعكس كيفية تفاعل الفنانة بصريًا مع الأعمال.
أحدث أعمالها، مثل «الحلم» و«مرسم الرسّام»، طوّرت هذه العملية على نطاق أوسع. هذان العملان جمعا «بيانات النظرة» عبر VVVi وكاميرات ويب من أكثر من مائة شخص، مما تطلّب مظهرًا بصريًا جديدًا ليعكس الكم المتزايد من البيانات، فجاءت أشكال الديدان المترهّلة أكثر نحافة. النتيجة سائلة أكثر، ومعها إحساس أكبر باللاخطية (asemic) في المنحنيات والانسيابات.
تقول فاينيونباي: «رغم أننا دائمًا نواجه نتائج مفاجئة أحيانًا، فإن الفنان التوليدي يتحكّم أساسًا بالمعاملات لأننا مؤلفو الأنظمة التي تخلق العمل. قد تبدو النظام ذاتيًا، لكن الفنان يظل جوهريًا في خلقه وتعريفه، وكذلك في اختيار النتائج وتحويلها إلى شكلها النهائي».
هي تبحث باستمرار عن الاتجاه التالي لعملها. من مقطع يوتيوب عن توليد الشعر الرقمي، إلى تعبئة عشرات المتطوّعين لتكوين بيانات لأعمالها، إلى تطوير وتعديل أنظمة مخصّصة لتفسير وإعادة تفسير تلك البيانات بصريًا — لديها قدرة نادرة على الابتكار، على الخلق، وعلى التعمّق.
في جوهرها، أعمالها تتعلق بالاتصال: ربط البشرية بعمليّة الخلق في اتجاهين — بعملية التوليد الحيوي للتطور والولادة التي أوصلتنا إلى هنا، وبعملية التوليد الفكري للاستقصاء والاكتشاف التي أوصلتنا إلى آلات قادرة على الخلق. تدعونا لنتساءل ونأمل ونبقى فضوليين تجاه العالم حولنا؛ العالم الذي نصنعه، والعالم الذي يصنعنا؛ العالم الذي نملكه والعالم الذي نريد أن نراه.
وبكلماتها، وهي تتأمل معنى ذلك في أحد النصوص على موقعها: «…الفجوة بين الخبرة والإدراك، الترابط النهائي بين كل الأشياء، التمايز (أو غيابه) بين الطبيعي وغير الطبيعي، ونوع من التفاؤل الضروري لصنع مستقبلات حقيقية وملهمة».
نُشر هذا المقال في العدد 71 من مجلة Hi‑Fructose؛ يمكن الحصول على العدد الكامل مطبوعًا.