إذا نزلت مخيماً في فرنسا من قبل، فستعرف ذلك الإحساس فوراً: أبواب الكارافانات نصف المفتوحة، ورائحة الباستا تفور على المواقد المحمولة، وهمهمة المحادثات القريبة بلطف، والتحيات العرضية من رفقاء المخيم. التخييم حميمي، وغريب بعض الشيء في أحيان، لكنه إنساني إلى حدّ رائع. وفي كتابه الفوتوغرافي “Camping Flash” يُجسّد المصوّر فرانصوا بروست كل ذلك كما هو، بلا تزييف.
منذ عام 2022، يجوب بروست مخيّمات فرنسا بكاميرته، ملتقِطاً سلسلة حية من بورتريهات مضاءة بالفلاش، إلى جانب لقطات وتفاصيل هادئة تكشف ثقافة يعرفها الكثيرون بالفطرة، لكن نادراً ما توقّفوا فعلاً ليراقبوها. النتيجة مجموعة أعمال تُعد وثيقة شخصية عميقة لرحلاته.
فرنسا، في الواقع، بطلة التخييم؛ إذ يوفّر البرّ الرئيسي لفرنسا ما يقرب من ثُلث مواقع التخييم في أوروبا، ما يدلّ على مدى رسوخ هذه العادة في الحياة الوطنية. وقد تطوّرت المرافق (في معظم الأماكن) وارتفعت مستويات الراحة، لكن روح التخييم لم تتغيّر جذرياً.
خلف أبواب الكارافانات والـمُتنقّلات يجد بروست نمط حياة “عادي ومثير في آنٍ معاً”. الناس يرتدون تيشيرتات أو ملابس السباحة، ينامون على بعد أمتار من جيرانهم، يطهُون وجباتهم متقابلين، ويصطدمون بالغرباء مساءً عند الحمامات المشتركة، فرشاة أسنان بيدٍ وابتسامة باليد الأخرى. إنها حياة قريبة، جماعية، ومن آخر الأماكن التي لا تزال تحافظ على شكل بسيط لكن مكثّف من التواصل الاجتماعي.
هذا العالم مألوف لبروست نفسه. “كنت أذهب للتخييم طفلاً مع والديّ خلال العطل، ثم لاحقاً مع أصدقائي كمراهق، والآن أذهب أحياناً مع أطفالي بصفتي أحد الآباء. لا أقضي كل عطلتي في التخييم، لكنّي أحب أن أمضي بضعة ليالٍ تحت خيمة كل عام. أستمتع ببساطته — النوم في خيمة، وطهي وجبات بسيطة كالمعكرونة مع السردين وصلصة الطماطم بين الحين والآخر.”
تظهر تلك التجربة المعيشة في صورِه: فصوره لا تتهكّم ولا تُبالِغ بالتمجيد، بل تُرصد بحميمية وصدق، وتجد فيها روح الدعابة في اللحظات اليومية التي بالكاد يلاحظها المخيّمون أنفسهم. وهناك الكثير من المواقف الطريفة لتُروى. “التخييم مليء بلحظات طريفة… تكاد تروى قصة مضحكة كل يوم. لكن الأمر غالباً يتعلق بمواقف الناس — طريقة كلامهم، أو المواقف الغريبة التي تنجم عن السكن متقارباً مع غرباء.”
تلك القربى هي ما يُعرّف حياة المخيم. الطقوس مُشتركة، وغالباً ما تبدو محيِّرة للوافدين الجدد. “قد يكون غسل الأسنان بالشبشب في الحمّامات المشتركة إلى جوار شخص لم تلتقِ به من قبل. أو لقاء أزواج مسنّين يتجولون بأرْبِعهم — بالروب — في طريقهم إلى الدش صباحاً. الناس يستيقظون في كارافاناتهم ويتجهون مباشرة إلى المرافق المشتركة وهم لا يزالون بملابس النوم.”
مع مرور الوقت، لم يجمع بروست صوراً فحسب، بل جمع قصصاً أيضاً. المخيّمات، كما اكتشف، ممتلئة بها. وهذا ما يجعل التخييم مثيراً للاهتمام: تنوّع الناس وتجليات حياتهم اليومية.