كلية تالاديغا تعرض جداريات هيل وودروف

كلية تالاديغا في ألاباما تخلق نموذجاً جديداً للحفاظ المشترك على التراث الثقافي، عبر شراكة مع ثلاث مؤسسات فنية تقاسم ملكية ست لوحات جدارية ضخمة للفنان هيل أ. وودروف.

اتفقت الكلية التاريخية للسود مع متحف توليدو للفنون ومؤسسة Art Bridges ومؤسسة Terra للفنون الأمريكية على أن تظل هذه الجدارية مرئية للجمهور، وفي الوقت نفسه تدعم الاستقرار المالي الطويل الأمد للكلية. اللوحات، التي أنجزها وودروف بين 1939 و1942، تصور محطات محورية من التاريخ الأفروأمريكي: تمرد الأمستاد عام 1839، شبكة القطارات السرية، وتأسيس كلية تالاديغا عقب الحرب الأهلية. لسنوات طويلة كانت الأعمال معروضة في مكتبة سيفري بالكلية ونادراً ما بدت خارج مجتمع الحرم الجامعي. بدءاً من 2012 خضعت اللوحات لأعمال ترميم وتجولت في أنحاء الولايات المتحدة ضمن معرض متنقل قبل عودتها إلى الحرم في 2020.

حصل متحف توليدو على لوحة «القطار السري» (1942)، بينما اقتنت مؤسستا Art Bridges وTerra المشتركتان ثلاث لوحات من سلسلة «الأمستاد». اللوحتان المتبقيتان — «يوم الافتتاح في كلية تالاديغا» و«بناء مكتبة سيفري» — ستبقيان في الحرم الجامعي. وتنص الاتفاقية على إعادة تجميع الست لوحات في الحرم بصورة دورية، ما يحافظ على صلتها بالمؤسسة التي كلفتها.

بالنسبة لتالاديغا، جاءت الشراكة بدافع الضرورة؛ فالكلية الصغيرة ذات التقاليد الليبرالية التي لا تتجاوز أموال وقفها خمسة ملايين دولار، واجهت في 2024 أزمة مالية هددت الرواتب. كما قالت رئيسة المجلس ريكا لويس-بايتون لصحيفة نيويورك تايمز: «اضطررنا إلى فحص كل أصل نملكه». بدلاً من تصفية كنوزها الكبرى، بحثت الكلية عن حل يلبّي احتياجاتها العاجلة من دون قطع صلتها باللوحات أو بإرث وودروف.

آدم م. ليفين، مدير متحف توليدو، أكد أن المسألة لم تكن مجرد صفقة مالية بل علاقة شراكة: سألوا كيف يمكن أن يكونوا أفضل شريك لمؤسسة تسعى لتحقيق أهداف متعدّدة، وما إن تبيّن ذلك، وضع الهيكل المناسب. وصف ليفين الاتفاق بأنه «مفيد للطرفين»، ليس فقط لأنه منح الكلية استقراراً، بل لأنه منح اللوحات جمهوراً أوسع؛ فلوحة «القطار السري» تحمل صدى خاصاً في توليدو، مدينة كانت محطة أخيرة على طريق الهروب إلى كندا عبر البحيرات العظمى. ستُعرض اللوحة على المدى الطويل في المتحف مع برامج مجتمعية في أوهايو وتالاديغا لتعميق تفاعل الجمهور معها.

يقرأ  أبرز الأعمالمن أول معرض لواين ثيبو في المملكة المتحدة

النموذج الذي انتهجته كلية تالاديغا — تقسيم الملكية مع الحفاظ على الوصاية المشتركة — يندرج ضمن توجه متصاعد في العالم المتحفي. ففي السنوات الأخيرة شهدت السوق مؤسساتًا تشارك في اقتناء أعمال كبرى لضمان بقائها في الحيز العام وتوسيع الوصول إليها؛ أمثلة منها اقتناء مشترك لأعمال سام جيليام وصور لورا أغيلار، ومبادرات لمشاركة مجموعات كاملة بين متاحف متعددة.

ما يميز هذه الصفقة هو استمرار مشاركة تالاديغا، الوصي التاريخي على اللوحات، في رعايتها. نينا دل ريو، المستشارة التي صممت هيكل الملكية، وصفت الحل بأنه «واقعي ومستدام»: عند البداية سألوا ماذا تريد الكلية تحقيقه فكان الجواب واضحاً—إتاحة اللوحات، رفع مكانة تالاديغا، وتأمين مستقبلها—وعلى هذه الأسس وضِع الاتفاق. دل ريو وفريقها درسوا خيار بيع الأعمال مجتمعة لمؤسسة واحدة لكن قلّة من المتاحف استطاعت الالتزام بمقاييس أو بصيغة الوصاية المشتركة التي تطلبتها الكلية؛ بعض الشركاء أرادوا شراء كامل، لكن الحل استلزم تعاوناً استمر عاماً من التخطيط الدقيق لإيجاد مؤسسات تقاسم المسؤولية إلى أجل غير مسمى.

ترى دل ريو في النتيجة بديلاً عملياً لمنطق «الكل أو اللا شيء» في سياسة التصرف بالمقتنيات: اللوحات تبقى في المجال العام، وتحكى قصة تالاديغا باستمرار، والكلية تكتسب الوسائل اللازمة لتزدهر.

اللوحات نفسها، ذات الألوان النابضة والإيقاع السردي، تُعد من أهم الجداريات الأمريكية في القرن العشرين؛ فلوحة «تمرد الأمستاد» تقف نصباً للمقاومة والحرية، بينما تحول «القطار السري» حلقة تاريخية إلى استعارة للتضامن عبر العرق والجغرافيا. هذه الروح التعاونية لا تزال حية في الاتفاق الجديد، مع جدول لإعادة التجميع كل ست إلى اثنتي عشرة سنة تقريباً. «أحد أسباب إعادة تجميع اللوحات في تالاديغا كل بضع سنوات»، قال ليفين، «ليس من أجل الطلاب فقط، بل لخلق حدث يجذب الناس إلى الحرم، ويمنح الكلية وضوحاً ويسهم في اقتصاد المحلي».

يقرأ  كلية الفنون البصرية تجمع ١٥ فنانًا من خريجيها في معرض «الموجات»

تعود تكليفات وودروف إلى عهد رئيس الكلية بويل ج. غالاغر ورئيس المجلس جورج و. كروفورد، في نفس روح التعاون العرقي التي أسست الكلية عام 1867؛ إذ تصور مكتبة سيفري، التي شارك في بنائها عمال سود وبيض، نصباً للتقدم الفكري والوئام. وودروف، العائد حديثاً من العمل مع الجدارية المكسيكية دييغو ريفيرا، انجذب إلى المثالية الاجتماعية للمشروع.

بالنهاية، ترى قيادة تالاديغا أن الاتفاق هو شريان نجاة وإعلان نية في آن واحد. تقول لويس-بايتون إن النتيجة بعد أكثر من عام من التدقيق والفحص تعود بالنفع الجليل على الكلية وتكرّم من سبقونا، بمن فيهم هيل وودروف، الذي ستشاهده ملايين الأنظار الآن في أنحاء الولايات المتحدة والعالم. كما يرى ليفين درساً أوسع: كثيراً ما نحاصر السرد ضمن ثنائيات، لكن هناك حلول هجينة تؤدي إلى نتائج أفضل. كلما رواينا هذه الامور، اتسع إحساسنا بما هو ممكن.

أضف تعليق