سرقة مجوهرات اللوفرر: تحقيق يكشف ثغرات أمنية كادت أن تحدث كارثة
كشف نويل كوربان، مدير المفتشية العامة للشؤون الثقافية، أمام مجلس الشيوخ الفرنسي أن اللصوص الذين نفذوا سرقة مجوهرات التاج في أكتوبر فرّوا من المكان “بشعرٍ من رأسهم”، وأنهم كادوا يُقبض عليهم لولا تفريطٍ في المراقبة والإجراءات. وأوضح كوربان أن عناصر المتحف أو قوات الشرطة أتيحت لهم فرصة لإحباط الهروب لكنها لم تُستغَلّ.
وأفاد باسكال مينغريه، مقرر مهمة الأمن والسلامة والتدقيق بوزارة الثقافة، أن كاميرا خارجية وثّقت بوضوح وصول اللصوص، وتركيب المنصة، وصعود الشخصين إلى شرفة قاعة أبولو، ثم مغادرتهم المسرعة بعد دقائق. إلا أن اللقطات لم تُراقب على الهواء مباشرة، وبحلول وقت مشاهدة الحارس لها كان “فات الأوان”، إذ كان اللصوص قد غادروا القاعة التي كانت تُعرض فيها مجوهرات التاج الفرنسية.
رئيس اللجنة، السيناتور لوران لافون، اعتبر أن نتائج التحقيق تشير إلى “فشل عام للمتحف ولجهاز إدارته في إعطاء الأولوية لقضايا الأمن” قبل السرقة. وأكد أن فقدان القطع لم يكن نتيجة حوادث عرضية متلاحقة، بل نتيجة قرارات لم تُتخذ لضمان الحماية، رغم أن نقاط الضعف كانت معروفة ومؤكدة عبر دراسات سابقة متقاربة النتائج.
أعرب كوربان عن دهشته من “مشكلة نقل نتائج تدقيقات الأمن” داخل المتحف، خصوصاً خلال انتقال القيادة في 2021 إلى لورانس دي كار، مشيراً إلى غياب الذاكرة المؤسسية: تقرير تدقيق عام 2019 أجراه بيت مجوهرات فان كليف أند أربلز والذي حدد نقاط ضعف قاعة أبولو لم يُنقل إلى الإدارة الجديدة.
تتوالى الأزمات داخل أكثر المتاحف زيارة في العالم: أعلن 200 موظف عبر ثلاث نقابات الإضراب اعتباراً من 15 ديسمبر، ما يهدد بتقليص العُدد خلال موسم العطل المزدحم. جاء هذا القرار بعد يومٍ من إعلان نائب المدير العام أن تسريباً أضرّ بمئات الكتب في قسم الآثار المصرية، إذ تضررت المكتبة الداخلية — أو ما وصفته النقابات لاحقاً بأنها “مكبة” من الكتب المصابة بالبلل.
وقالت نقابات CGT، CFDT وSud في إشعار الإضراب لوزارة الثقافة إن زيارة اللوفر تحوّلت إلى “حلبة عقبات” بالنسبة للزوّار، ووصفت المؤسسة بأنها في حالة أزمة مع تدهور متزايد في ظروف العمل. ورأوا في سرقة 19 أكتوبر تجسيداً للنواقص التي طالما نُبه إليها دون أن تُعالج.
تفاقمت استياءات الموظفين بسبب قضايا صيانة وأمنٍ عالقة تعرّض أعمالاً فنية وتحفاً قيّمة للخطر. وحتى إعلان خطة تجديد تُقدّر بين 700 و800 مليون يورو تحت اسم “اللوفر: نهضة جديدة” — والتي تضم غرفة دخول مخصّصة ومحددة الوقت للوحة الموناليزا ومدخلاً جديداً — لم يطفئ المخاوف. في يونيو نفّذ الموظفون إضراباً أدى إلى إغلاق المتحف ليوم كامل، وأعلنت الإدارة لاحقاً أن الخطة ستعطي الأولوية لتحديث البنية التحتية لمواجهة مشاكل الأمن والاكتظاظ.
أثارت سرقة مجوهرات التاج الفرنسية التي تُقدّر قيمتها بنحو 102 مليون دولار انتقادات حادة لبروتوكولات الأمن. وردّت التقارير بأن الموظفين هتفوا بالاستهجان خلال اجتماع داخلي موجهين غضبهم نحو لورانس دي كار، التي قدّمت لاحقاً استقالتها لوزيرة الثقافة رشيدة داتي، فرفضت الأخيرة قبول الاستقالة.
في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في نوفمبر، دافعت دي كار عن إجراءاتها، مشيرة إلى أنها كلفت بإجراء مراجعة أمنية شاملة وخطة رئيسية جديدة، لكنها شددت على أن التنفيذ تباطأ بسبب ضخامة المتحف وإجراءات المناقصات العامة. “لا تُطلق مشروعاً بقيمة 80 مليون يورو — لأنه الآن أكثر من 80 مليوناً — بهذه السرعة، فهناك قواعد ومراحل في الشراء العام، وفترات للدراسات، ومراحل لوضع الشركات في منافسة.”