عملي كان قائمًا على مبدأ «المزيد يعني الأفضل» — ربما مبالغة في بعض الأحيان، لكن ذلك الأسلوب بدا لي دائمًا مناسبًا تمامًا.
في عام 2014 تغيّر نهجي؛ تخلّيت عن الخلفيات المقطوعة بالكولاج وبدأت أعتمد أقلّ على صفحات المقاطع المقتطعة المليئة بالكلمات. لِمَ انعطفت بعيدًا عن ذلك الأسلوب الذي رافقني طيلة سنوات؟ لأكثر من عشر سنوات عملت بخلفيات وسائط مختلطة، أنشأت كولاجات من قواميس قديمة وخرائط وكتب أحياء وكتب علمية؛ كانت تلك سنواتي «اللو برو» متأثرة بشدّة بفنّانين أميركيين، وبتيارات البانك والقوطي والخيال الفيكتوري. استمرّيت في ذلك النسق حتى 2014، لكنّي شعرت عندها بالإرهاق من تقنية الكولاج؛ باتت مُثقلة ومبالغًا فيها، وحان وقت التغيير.
المرحلة التالية من عملي بدأت عندما تخلّيت عن الخلفيات الكولاجية؛ شعرت بحاجة إلى الهروب من العالم المادي فبدأت أرسم الكون والفضاء. هذا التحوّل مثّل انغماسي الكامل في حركة البوب سيراليزم — انتقال إلى الضوء والفضاء الرحب.
هل الكلمات ما تزال حاضرة في عملي بعد عشرين عامًا؟ نعم، لكنها باتت تلعب دورًا مختلفًا. أنا مُلهم بعمق بالكلمات والقصائد والأغنيات؛ مثلاً كلمات أغنية «Terrible Love» لفرقة The National، خصوصًا بيت «It’s a terrible love and I am walking with spiders» ألهمني لوحة «الفخ الرهيب» حيث تظهر امرأة-فراشة عالقة في شبكة عنكبوت. كما أنني متأثر في الآونة الأخيرة بفرق ما بعد البانك مثل Fontaines D.C وIdles وThe Murder Capital، وبفرق بوست-هاردكور من لوس أنجلوس مثل Touché Amoré. أستلهم أيضًا من السرد القصصي الخيالي: أستمع كثيرًا إلى الكتب الصوتية أثناء العمل — تولكين، ستيفن كينغ في جانب الرعب، ونيل غايمان في الجانب السحري؛ وهم ثلاثيّتي المفضلة.
قرأت أنك اختبرت وحيًا كبيرًا بعد زيارة إلى اليابان وأن التجربة غيرتك. هل كانت الشخصيات الكاواي؟ أم الثقافة ككل؟ اليابان غيّرت حياتي بالتأكيد. كنت مفتونًا بالأنمي منذ الطفولة (كابتن هارلوك، Sailor Moon، وأفلام مثل غودزيلا وغيرها)؛ كانت تلك أولى نافذاتي إلى الثقافة اليابانية. عندما سنحت لي الفرصة لزيارة اليابان انفجرت دهشةً أمام الجمال، الكمال، الانضباط والثقافة الراسخة. الطبيعة والأضرحة لها حضور قوي، والحدائق ذات أشكال حالمة؛ في اليابان كل شيء يبدو أكثر جمالًا. هناك بعد روحاني وسحري لم أجده في بلد آخر — ربما تأثير الشنتوية والروحانية التي ترى الروح في كل شيء. كل شيء يبدو حيًا. أعجبني كذلك الانضباط في الفنون؛ المستوى عالٍ جدًا وهذا منحني طاقة لمواجهة نفسي يوميًا؛ أدركت أن التقدّم سيستمر مدى الحياة وأنني سأبذل كل ما لدي لرفع مستوى فني باستمرار. أعمل كثيرًا يوميًا، بين سبع إلى عشر ساعات كما يفعل الفنّانون اليابانيون.
أحبُّ أيضًا ثقافة الكاوايي في الفن وفي الشارع وفي المانغا؛ إنها مصدر إلهام جميل لا ينضب. رأيت كلمات سيباستيان ماسودا (مبتكر Monster Café والعلامة 6% Dokidoki) حين قال إن الكاواي فنّ — وكنت أتفق معه تمامًا. اليابان بلد أعشقه وسأعود إلى طوكيو قريبًا جداً، لا أطيق الانتظار.
يُقال إن عملي يحمل جانبًا مظلمًا، ليس بسبب الحبر الأسود فحسب، بل ربما لكثافة التفاصيل أو لغابات الخلفيات المتشابكة وفروع الأشجار والشخصيات؛ كلّ شيء يبدو غامضًا. ومع ذلك ثمة إيجابية في الطريقة التي أتصوّر بها هذا العالم. هل ينبغي لنا أن نشتبه في العيون الواسعة والابتسامات التي تظهر على شخصياتي؟ هل نستطيع الوثوق بهم؟ في فنّي دائمًا جانبان: الظلام والنور، لكن هناك توازن جيد بينهما.