بالنسبة لعدد كبير من الذين شاركوا في احتجاجات «لا للملوك» يوم السبت 18 أكتوبر، كان مجرد الانخراط في مسيرةٍ قد تكون أكبر تعبير جماهيري عن المقاومة ضد تصاعد النزعات السلطوية في الآونة الأخيرة تجربة تطهيرية ومشحونة بالأمل. تشير التقديرات إلى أن نحو سبعة ملايين شخص خرجوا في أنحاء الولايات المتحدة الاميركية للاعتراض على ميول الرئيس ترامب «الملكية»؛ من استدعاء الحرس الوطني لقمع مظاهر مدنية في مدن أميركية إلى قمع الفن وحرية التعبير. ومع ذلك، انتقد بعض الأقسام على اليسار الحركة لاعتبارهم أنّها لم تذهب إلى الحد الكافي.
ومن اللافت أن رد الفعل الجمهوري كان انفجارًا جماعيًا من الغضب الصغير الذي يبرهن، في المقابل، على شرعية الحراك ودوافعه. وصل الأمر بالرئيس ترامب إلى مستوى منخفض جديد، إذ نشر فيديو مولَّدًا بواسطة الذكاء الاصطناعي يُظهره يقود طائرة حربية تحمل عبارة «الملك ترامب» ويقذف المتظاهرين بما يبدو أنه فضلات بشرية.
ما الذي يثير سخط اليمين إلى هذا الحد؟ ربما يرتبط الأمر بالمظهر «الوطناني المفاجئ» للحركة؛ كما لاحظت مساهِمة من واشنطن، حيث بدى المتظاهرون بزي الثورة الأمريكية الكامل، وأزياء النسر، مرفقين بأعلام ونسخ من الدستور تفرغ أيقونات النشاز الانتهازية التي استخدمها ترامب. أحد اللافتات تجسّد جورج واشنطن متعبًا محذرًا من تكرار التاريخ قبيل ذكرى مرور 250 سنة على تأسيس الأمة. لا بد أن ذلك مؤلم لترامب، الذي حاول استغلال الحدث لصالح علامته الشخصية، عندما رآه يتحول من احتفال بالاستقلال إلى بيان حداد على فقدانه.
ويضاف إلى ذلك المطالبة المستمرة بإصدار ملفات إيبستين، التي ظهرت في شعارات عدة؛ من بينها لافتة استحضرت، كما رُوِّج، رسمة عيد ميلاد يُزعم أن الرئيس أهداه للمُدان.
ومن جهة أخرى، قد يزعج اليمين حقيقة أن المحتجّين اجتمعوا بطرائق قانونية بعدما أمضت الحملة الجمهورية أسابيع في تشويه سمعتهم ووصمهم بالخطر. رئيس مجلس النواب مايك جونسون — نفسه الذي وصف في وقت سابق مثيري الشغب في 6 يناير بأنهم «أمريكيون أبرياء» كانوا «يمرون عبر المبنى» — سخر من احتجاجات «لا للملوك» واصفًا إياها بأنها «تجمع معادٍ لأمريكا» يحضره «الجناح المؤيد لحماس». هل هم نفس الأشخاص الذين تجولوا بملابس ضفادع قابلة للنفخ كإيماءة إلى نشاطات المعارضة السلمية لوكالة الهجرة في بورتلاند؟ سؤال بالنهاية، لكن الصورة كانت واضحة.
فيما يلي لمحات بصريّة من أبرز الإطلالات والأعمال الاحتجاجية خلال مسيرات «لا للملوك» هذا الأسبوع:
– تمثّلت الحرية كتمثال نابض بالحضور؛ متظاهرة ترتدي رداء تمثال الحرية مع عصابة على عينيها وتكميم فمها في انتظار انطلاق المسيرة في لوس أنجلوس، بينما أحرقت أخرى تاج ترامب بمشعلتها كرمز لغضبها.
– مجموعة من المحتجين استلهمت من بورتلاند ملابس نفخية كبيرة لإخفاء هوياتهم، ومن بينهم من اختار زيّ الضفدع كإشارة سلمية.
– لافتات من بروكلين تنتقد سياسات الهجرة وممارسات جهاز إنفاذ قوانين الهجرة، إلى جانب شعارات تطالب بكشف ملفات إيبستين.
– إشارات متعددة تتناول تصريحات ترامب المعادية للمهاجرين، وظهور تمثال الحرية كرمز متكرر في كثير من الملصقات.
– حشود كبيرة في بروكلين، وصور لأفراد يرتدون قمصانًا مكتوبًا عليها «قاوم» تعكس روح الإصرار لدى المشاركين.
هذه المشاهد تُبرز كيف تحوّل الغضب المدني إلى فنٍ وموضوع رمزي موحّد، مع مزيج من الفكاهة والمرارة والالتزام السياسي، في مسعى لإعادة تعريف معنى المواطنة والدفاع عن الحريات.