لورا جيمس ترسم ما تحاول أمريكا نسيانه

«اصنع العمل.»
شاركَت لورا جيمس هذا الشعار المقتضب والقوي خلال زيارتي لاستوديوها في حي وست فارمز بالبرونكس. ملصق يحمل العبارة يعلّق على حائطها — إشارة، كما أوضحت، إلى الفلسفة العملانية لماركوس غارفي. لورا لا تنتظر إذناً مؤسسياً؛ تصنع الفن بلا كلل، تملك وسائل الإنتاج، وتدفع بأعمالها نحو خدمة المجتمع المحلّي. هي حضور محبّب في الإيكولوجيا الثقافية للبرونكس: فنانة متعددة التخصصات، تدير حديقة مجتمعية مزدهرة، ومؤسسة دليل BX200 لفناني البرونكس البصريين. ترعرعت في بروكلين لوالدين من أنتيغوا وتقيم في البرونكس منذ عقود.

في وجه تجدد الفاشية والهجمات على التعليم التقدمي، تفي جيمس بمقتضى اللحظة: تصنع العمل. امتداد ممارستها — من التصوير والرسم إلى الإيضاح والنحت — ينسج بوضوح محاور العرق والجنس والطبقة والتاريخ والروحانية. من أهم أعمالها سلسلة «التاريخ الأمريكي» التي بدأت عام 1999 بعد أن سمعت عن القتل الوحشي لجيمس بيرد جونيور عام 1998 في تكساس؛ حيث قُيد وأُطلق له مقطورة فسُحب جثته لأميال طويلة.

لوحتان حديثتان من تلك السلسلة، «ليس حتى الماضي» و«الوراثة» (2024)، تدخلان كاعتراض فني صارخ على ردود الفعل اليمينية الأخيرة ضد تدريس التاريخ العنصري ونظريات العِرق النقدية. في «ليس حتى الماضي» تواجه اللوحة خطاب التبرؤ القائل بأن على السود «المضي قدماً» متجاهلين عبء التاريخ. الإشارة إلى مقولة ويليام فوكنر — «الماضي لا يموت. إنه ليس حتى ماضٍ» — تُحَسّ في تصورات اللوحة القاسية واللا تُنسى.

تتوسط اللوحة شجرة ضخمة تتدلى من أغصانها أجساد ضحايا الشنق من السود. أسفل الشجرة يقف جمهور من البيض بملابس مدنية جهة اليمين، وإلى اليسار يقف أعضاء الكو كلوكس كلان بملابسهم البيضاء المدببة. شخصية معلقة تشتعل فيها النيران. وفي قاع التركيبة صفوف من شواهد القبور المكتوب عليها أسماء ضحايا هنّ: ساندرا بلاند، بريونا تايلور، سونيا ماسي، وغيرهم. بعض الأسماء مثل تريفون مارتن وتامير رايس باتت مألوفة لأنها أشعلت حركة المطالبة بحياة السود، بينما أسمـاء أخرى مثل ليزي دور تلاشت تدريجياً من الذاكرة العامة.

يقرأ  لماذا تُعدُّ كافالريالسلاحَ السريّ لأفضل استوديوهات التصميم في العالم؟

في أعلى اللوحة مشاهد عن وحشية الشرطة: شخص أسود جريح ملقى في الشارع ومصور يلتقط المشهد، وآخر يُطلق عليه النار أثناء هروبه. مجموعة من المساجين في زي مخطّط مقيدة بسلاسل، وحارس يوجه بندقية إلى رؤوسهم — إشارة واضحة إلى جماعات العمل بالسلاسل («تشين-غانغ»)، واستغلال السجناء للعمل. قفص سجن قريب يؤكد كيف ترتبط العُنف المؤسسي والسجني بتواريخ القهر العرقي المستمرة.

في مقابل المشاهد الخارجية لـ «ليس حتى الماضي»، تدور «الوراثة» داخل حجرةٍ منزلية. غرفة جلوس لأسرة بيضاء ميسورة الجيب ذات جدران خضراء فاتحة تصبح مسرحاً لتصادم عنصري: أشخاص سود يعملون داخلاً بينما أفراد الأسرة البيضاء يستمتعون بترفهم. تندرج هذه اللوحة ضمن ممارسة جيمس الأكبر التي تمجّد العمل المنزلي لنساء سود لتكريم عملهن وكشف علاقة عمل السود بترويح البيض. المشهد يثير انزعاجاً بفعل تاريخ العمل المنزلي المُمَيَّز عرقياً، لكن التفتيش الدقيق يكشف عن عناصر أكثر ازعاجاً: امرأة تنظف نافذة ومُقيدة بكرة وسلسلة، رجل يدلك أقدام جدة مقيد، خادم يقدّم المشروبات وهو مُكمّم بفمٍ ملفوف، وامرأة بلا قدم توازن على كرسي لتنظيف مرآة. هذه التفاصيل السريالية مستمدّة من تكنولوجيات التعذيب والاستعباد في المزارع، ولوحات التعذيب ترمز إلى العبودية وإرثها المستمر. في أعلى القماش تصوّر ورق الحائط مشاهد لسفينة العبيد مع أجساد سودّاء مصطفة بإحكام في عنبر السفينة. نحن جميعاً نرث هذا المشهد من العُنصرية المنزليّة، ولورا تجبرنا على مواجهته.

تستقي جيمس إلهامها من تقاليد الفن الشعبي المفعمة بالألوان والسرد، وبشيء من الشبه مع الرسم التعبدي الإثيوبي تتقاطع روايات متعددة داخل تركيباتها. أشكالها المبسطة، لوحتها اللونية الزاهية، ومشاهدها الجماعية ومواضيعها السياسية الصريحة تلتقي أيضاً بإرث الحركة الجداريّة المكسيكية. هذه استراتيجيات سرد بصري تجعل من التواريخ الأمريكيا للسود أكثر وصولاً للجمهور وربطها بصراعات عالمية أوسع. (ملاحظة: مصطلح “تجاريب” يقصد به “تجارب” السرد هنا.)

يقرأ  زيارات إتش إف — مجموعة سولو في إسبانيا

تعمل هذه اللوحات كبمدخل مرئي للمناقشات حول العِرق والذاكرة والعدالة، في وقت تُحجب فيه تلك المحادثات عن المدارس والمؤسسات. تقول جيمس بعجلة وإلحاح: «اللوحات تُسجّل ما حدث. ولا نريد أن يتكرر ذلك.» وتضيف: «ليس عندي كل الإجابات، لكنني أرفض أن أغض الطرف. أنا أشهد ما حصل.» كثير من المشاهد التي تصوّرها جيمس مستمدة مباشرة من كتب التاريخ التي تقرأها، مثل Lest We Forget: The Passage from Africa to Slavery to Emancipation (1997). ومع تزايد محاولات تبييض المناهج، تُصِرّ لوحاتها على تذكر الماضي والمساءلة عنه كجزء حي وضروري من تاريخنا. لا يمكن أن يوجد فن محايد في عالم مُطبع بعنفٍ عنصري لا يُمحى.

أضف تعليق