لوري أندرسون: ليست هنا للعب

لوري أندرسون ولعبة Puppet Motel — استذكار وتأمل في الزمن والتقنية

في عام 1995، أبدعت الموسيقية والفنانة الأميركية لوري أندرسون بالتعاون مع الفنان هسين-تشيان هوانغ قرص CD-ROM تفاعلي بعنوان Puppet Motel. بعد ثلاثين عاماً، اشتريت نسخة منه عبر eBay، ومعها جهاز كمبيوتر من عام 1999 قادر على تشغيل القرص.

عمل أندرسون دائماً يجعل الزمن محسوساً كخامة مادية. جمعَت ممارستها بين الموسيقى والأداء والتقنية، وكانت تلاقي الزمن والآلات التي نعتمدها لفهمه. في السبعينات، كانت تقف على أرصفة نيويورك وإيطاليا وهي ترتدي زلاجات ثلجية مجمدة داخل كتل من الجليد وتعزف الكمان في حوار إلكتروني مع نفسها، على أن ينتهي العرض عندما يذوب الجليد. نشأت ضمن مشهد فنون وسط مدينة نيويورك إلى جانب أسماء مثل تريشا براون ونام جون بايك، وساهمت في صياغة جيل من الفنانين متعددّي الاختصاصات عند تقاطع الأداء والتقنية والفن المفاهيمي.

الزمن في Puppet Motel يُحسُّ بنفس الطريقة المادية، وليس فقط لأنني شغّلته على قرص قديم. تدور أحداث اللعبة في موتيل ممتلئ بأجهزة بالية ونصف عاملة. طريقة اللعب بسيطة وغريبة: أنت في غرفة مظلمة، ومؤشر الفأرة يتحكم بمصباح صغير يسلط ضوءه على جدار أبيض. عندما يصطدم الشعاع بمأخذ كهربائي، تسمع بصوت لوري أندرسون سؤالاً: «إذن هنا السؤال: هل الزمن طويل أم عريض؟» في غرفة أخرى تتساقط هواتف من السقف وتغني: «تذكرني؟ تذكرني؟ تذكرني؟ لا».

اللعب في سنة 2025 له إحساس غريب بالغرابة (uncanny)، إذ تتقاطع همومه مع الطريقة التي نفكر بها اليوم في الإنترنت واللغة والتجريد. كما أنه يبعث على الغرابة أن تلعب لعبة تتحدث عن تقنيات قديمة — هواتف دوارة وآلات كاتبة — لا يمكن تشغيلها الآن إلا بواسطة تقنيات قديمة. أحضرتُ حاسوب iBook G3 أزرق ونسخة Puppet Motel إلى استوديو لوري في لوور مانهاتن لأحادثها عن أفكارها حول التقنية وعلاقتها بالزمن حين صممت اللعبة وحالياً. اللقاء الذي يلي قد حُرر لانتقاء الطول والوضوح.

يقرأ  لوري هارفي تُلتقط وهي تستمتع بأجواء منتجع مكسيكي شهير برفقة حبيبها السابق من نجوم الصف الأول


س: هل كانت Puppet Motel أول لعبة حاسوب لكِ؟
ج (لوري أندرسون): لم نفكر بها إطلاقاً كلعبة. أردت الابتعاد عن فكرة الإنجاز أو الفوز أو الخسارة. لست من محبي الألعاب كثيراً. عندما كنت صغيرة، كانت والدتي تقول لي عند وداعي للمدرسة «افوزي». فكنت أتساءل «أفوز بماذا؟» لكن دائماً يوجد نوع من المنافسة، ولم أرد أن أكون جزءاً منها.

س: تحتوي Puppet Motel على أشياء كانت بالية حتى في وقت صنعها.
ل.أ: نعم، تلفزيونات قديمة، وهواتف، وآلة كاتبة غاضبة نوعاً ما. وهناك أيضاً أفلام تحقيق قديمة: ظل الرجل ذو القبعة على الزجاج المصنفر في مكتبه كمحقق. أشياء كثيرة تلقي بظلالها، أشياء مخفية في الظلال، وأخرى تنكشف عندما يتحرك الظل.

في الأصل، كان المشروع يفترض أن يكون بناء ديكور لجولة كنت أقوم بها بعنوان Nerve Bible، ففكرت أن نُجرب عرضاً افتراضياً أولاً. في التسعينات، قرر بوب ستاين تأسيس شركة اسمها Voyager لمحاولة إنتاج كتب إلكترونية، لأنه أحب أعمال بيل فيولا وفنانين يصنعون سرديات بصرية وفكر «علينا أن نغلف هذا بطريقة ما. إنها كتب». قال «حسناً، أريد منكما أن تصنعا هذا الـ CD-ROM، ولنجعله عن الجولة». أرسل فريق Voyager شخصاً إلى كل عرض ليضع أقراص Puppet Motel في الردهة. ولم يكن لدى أحد مشغّل أقراص. كانوا يسألون «ما هذا؟» لا أؤيد القول إنه نجح تجارياً؛ الناس يريدون قميصاً تذكارياً، لا يريدون رؤيتي أتجول.


س: في لحظة من اللعبة تفترضين أن قرار نيكسون إخراج الولايات المتحدة من معيار الذهب «قطع الروابط إلى الأبد بين الأرض والسايبربسح leading to عالم يصبح أكثر تجريداً وغير مرئي». كيف ترتبط التجريدية بالفضاء السيبراني؟ وهل تغير هذا الارتباط منذ صنع اللعبة؟
ل.أ: نعم، مئة في المئة—أو ألف في المئة إن صح التعبير. تدرك أن لا أشياء حقيقية هناك بالخارج بنفس المعنى الفيزيائي؛ كل شيء إلى حد كبير في رأسك. تغير الكثير بحيث بات الناس يميلون للاعتقاد بأنه لا يمكن أن يوجد عالم بدون وعي؛ بمعنى آخر، ليس أنه لا يمكن أن يوجد وعي بلا عالم، بل لا يمكن أن يوجد عالم بلا وعي.

يقرأ  كريستيز تغلق قسم الفن الرقمي وفق تقارير

س: هل تودين أن تلعبِ Puppet Motel؟
ل.أ: حسنًا. للحظة.

وضعتُ القرص في محرك iBook، وظهرت اللعبة على الشاشة: مأخذ كهرباء يرافقه عواء.

ل.أ: هذه الصورة الأولى هي بومة العلم الكبير، وهو «رأس قابس»—أحب فكرة إدخال قابس في فم هذه الشخصية وعينيها وهي تعوي.

دخلنا غرفة افتراضية جديدة بها حوض سمك؛ وهي غرفة لم ألحظها رغم شهورٍ قضيتها في اللعب. ل.أ: الآن الراهبة تدور حول سمكة داخل قلعةٍ في الحوض. هذه راهبة تسير في دوائر لأنها قالت «أريد أن أمشي المسافة.» الآن ترقص مع رائد فضاء لأنهما يتحدثان عن الفضاء وكيفية قياسه.

ظهرت غرفة فندق بصورتين على الجدار. ل.أ: هذا ويليام بوروز بزي قاطع طريق؛ يمكنك أن تضع لاصقاً على فمه.

سمعنا تسجيلاً من صوت لوري يقول: «الوقت الآن ثمانية ساعات وواحد ثانية.»

س: أود أن أسألك عن الساعات الناطقة. ما الذي يثير اهتمامك في اصطدام الصوت البشري بصوت الآلة؟
ل.أ: حسناً، الـBBC كان لديها نظام ينطق الطقس كل ثانية تقريباً؛ كانوا يكتفون بقول الوقت والطقس. لوري أندرسون تلعب Puppet Motel، لعبتها التي صدرت عام 1994 — كان عرضًا جذابًا للغاية ومُنعِمًا للنفس، أحببته حقًا.

سمعنا فجأة صوت «هُووش» قادمًا من شخص يرسل بريدًا إلكترونيًا في مكان آخر من الستوديو.

لـأندرسون: أحب هذا الصوت.

السائل: ما الذي يجذبك إلى أصوات الالات — الرنين والطنين والهمس والهوش؟ لماذا تهتمين بها؟

لـأندرسون: لأنها تبدو وكأنها تحاول أن تقول شيئًا؛ كلها تنبيهات صغيرة أو رسائل من نوعٍ ما: «أنا أرسلتُه، أحسنت»، أو «من الأفضل أن تتحرك الآن».

تشغيل Puppet Motel في عام 2025 يشعر بغرابةٍ لا تُصدَّق.

السائل: لو أردتِ أن تصممي «فندق دمى» الآن، كيف سيكون شكله؟

يقرأ  أشهر بعد حرائق لوس أنجلوستراث المجتمع الأسود في ألتادينا يظل صامداً

لـأندرسون: سيكون ممتعًا لأنني في الحقيقة دائمًا ما أصنع فنادق للدمى؛ هي هياكل كبيرة في ذهني. أحب أن أفكر في الشيء كمكان أكثر من كونه زمنًا. في العادة أبدأ بإحساس بالمكان قبل أن أفكر بالزمن. كانت لدي أغنية بعنوان «Puppet Motel»؛ تخيلت أنه سيكون من المثير أن يوجد مكان تسجّل فيه الدمى دخولها.

إحدى مسرحياتي المفضلة كانت بعنوان «مشاهد موت الدمى الشهيرة» — كانت مسرحيه بديعة عن دمية صغيرة طولها متران تقريبًا، والقصة عن مئة دمية تموت كلها. هذه الوفيات منسّقة بواسطة شخصية المَقدّم، وهو دمية مُسَوِّق ودودة يقول أحيانًا: «الآن ستصاب دمية بنوبة قلبية». وفي المشهد الأخير يظهر خلفه أكبر دمية رأيتها في حياتك، مغطاة بغطاء أسود وحاملة منجلًا، ورأسها جمجمة. تستدير الدمية الصغيرة فتكون شديدة الخوف، فتلتقطها دمية المنجل وتحملها كطفلٍ رضيع — وهنا يموت المقدم؛ هو الوفاة المئوية.

السائل: في Puppet Motel تشيرين إلى سطر من أغنيتك «From Air»: «هذا هو الوقت، وهذا هو سجلّ الزمن». ما الفرق بين «الوقت» و«سجلّ الزمن»؟

لـأندرسون: يعتمد هذا على ما إذا كان وعيك هو المتسجّل أم الفعل الذي تقوم به. أنتَ تتواجد في أزمنة متعددة في آنٍ واحد. ربما نحن في كل الأزمنة، لأن الزمن—بالمعنى المطلق—غير موجود.

السائل: هل السفر عبر الزمن ممكن؟

لـأندرسون: طوال الوقت. أما نحن فهل لا نسافر عبر الزمن الآن حين نستعيد هذه اللحظة بذاكرتنا؟

أضف تعليق