«لو تيك ووتر»: إعادة تشكيل العالم بتقنيات الشعوب الأصلية

من الجفاف القياسي والفيضانات المفاجِئة الكارثية إلى أنابيب ملوثة ومزارع الذكاء الاصطناعي المتعطشة، يقف الماء في محور أزمة مناخية معقدة. هذا السائل الحيوي نادرٌ في أماكنٍ، ومفرط في أخرى؛ ما يترك نحو نصف سكان العالم بلا وصول مستدام إلى مياه شرب آمنة، وفي الوقت نفسه يغرق كثير من المجتمعات تحت ظروفٍ مناخية أكثر حرارةً ورطوبةً وحدة.

تصميمياً وفكرياً، ترى المصممة والكاتبة والناشطة جوليا واتسون أن بلورة حلول متعددة الأوجه لهذه الإشكاليات هي من أهم الأولويات الراهنة. في كتابها الجديد “لو-تيك: المياه” الصادر عن دار نشر تاشن، تعرض تقنياتٍ محليةً وأُطرَ مائيةً أصيلة من ثقافاتٍ عِرقية متعددة يمكن الاستفادة منها في التكيّف مع عالم متغير مناخياً.

من أمثلة ذلك نظام الشينامباس في تشوشيميلكو بالمكسيك — قنوات بعمق مترين تحدد حقولاً مرتفعة كانت تُنشأ قديماً لتنقية المياه وري المحاصيل — وهو تقليد ناهواي الأصل. إلى جانبها، توجد جزر الإنثا العائمة في ميانمار التي تُنسَج من جذور وأوراق ورواسب لصنع أحواض زراعية مائية فاعلة شبيهة بالهيدروبونكس التقليدي.

لا تغفل واتسون أيضاً الابتكارات المعاصرة؛ فمن باكستان تبرز المهندسة المعمارية يسمن لاري التي طوّرت أوسع برامج عالمية لصناعة ملاجئ وأدوات طهي بلا بصمة كربونية، نموذجاً عن كيف يمكن للتقنية الحديثة أن تتلاقى مع الحكمة التقليدية لإنتاج حلول مستدامة.

في صفحاته البالغة 558 صفحة، يقترح الكتاب قراءةً للماء كقوة ذكية قادرة على تشكيل مدن ومناظر قادرة على الصمود. يُعاد تأطير البِنى التحتية المائية — من استخراجية وصناعية إلى متجددة ومتطوّرة — بحيث تُصمم للحفاظ على الحياة لأجيال قادمة.

تُعد واتسون صوتاً محورياً في حركة لو-تيك الأوسع، وكتابها هذا يُكمل المجلد السابق الذي عرض تقنيات مستدامة وحِكم تقليدية تُعيد التفكير في علاقتنا بالبيئة. كما يقدّم أمثلة عالمية متنوعة: أحواض الأسماك التقليدية في هاواي، دِكّات زراعة بلدة البندقية، أنظمة تدرُّج التراسات اليابانية وغيرها، لتبيان كيف أن كل مكانٍ يملك حلولاً مائية فريدة قابلةٍ للإلهام والتكيّف.

يقرأ  عاصفة رملية تجرف عملاً فنياً أوكرانياً في مهرجان بيرنينغ مان

هل تهمك مثل هذه القصص والفنون المستقلة؟ فكر في الانضمام لدعم النشر المستقل والمشروعات التي تُعلي من قيمة الانسانية.

أضف تعليق