لوس أنجلوس — يوم الخميس 4 سبتمبر، نشر متحف الهولوكوست في لوس أنجلوس منشورًا على إنستغرام فسّره كثيرون على أنه إدانة لجرائم إبادة جارية ترتكبها اسرائيل في غزة، والتي وصفتها منظمات حقوق الإنسان حول العالم بهذه الصيغة. تضمنت الشريحة الأولى رسماً سداسياً مكوَّناً من ستة أذرع مترابطة — بدرجات مختلفة من البني والبيج، وكان أفتحها يحمل رقماً نقشَ على ذراعه يشبه أرقام سجناء الهولوكوست — مع عبارة «لا للمرة الثانية» مصحوبة بجملة «’لا مرة أخرى‘ لا يمكن أن تعني فقط لا مرة أخرى لليهود».
بعد يومين حذف المتحف المنشور ونشر اعتدارًا. وعلى خلاف المنشور الأول، أغلق المتحف في هذا الاعتذار إمكانية التعليق.
تأسس متحف الهولوكوست في لوس أنجلوس عام 1961 على يد ناجين من المحرقة، وهو أقدم مؤسسة من هذا النوع في الولايات المتحدة. حاز منشور «لا مرة أخرى» — وهو أول بيان من هذا النوع يصدر عن المؤسسة — على أكثر من 2700 إعجاب وحوالى 3300 تعليق. وقد واصل النص على أربع شرائح قائلاً: «لا يجب على اليهود أن يدعوا صدمة ماضينا تُخمد ضميرنا. التضامن مع الإنسانية لا يخون شعبنا؛ بل يكرمه. أن تكون يهوديًّا يعني أن تتذكر وتتصرف».
رغم أن المنشور لم يذكر غزة أو إسرائيل أو فلسطين صراحة، قرأ معظم المعلّقين أنه لاذع تجاه الهجوم العسكري على غزة الذي أودى بحياة أكثر من 64,000 فلسطيني بحسب أرقام رسمية مذكورة في التقارير. تفاوتت ردود الفعل: أعرب بعض القرّاء عن تقديرهم للمتحف لاعترافه بـ«إنسانيتنا المشتركة»، بينما اتهم آخرون المنشور بأنه «مقارنة معادٍ للسامية» لربطه بين المحرقة والقتل المنهجي والمدمّر للمدنيين في غزة.
كتب أحد المعلّقين: «هذا المنشور يتجاوز حدود الخزي. من خلق ونشر ووافق على هذا يجب أن يخجلوا من أنفسهم. أسلافنا يدحرجون في قبورهم». وردّ عليه معلق آخر قائلاً: «إذا كان منشور يشجّع إنسانيتنا المشتركة يثير فيك هذا الاستنكار … فربما يجدر بك أن تتساءل عن سبب ذلك».
وجدت مجموعة ثالثة أن بيان المتحف مجرد تصريح ضعيف لا يرقى إلى المطالبة الصريحة. وقال ممثل عن مجموعة «الكتّاب ضد الحرب على غزة» (Writers Against the War on Gaza)، وهي شبكة من محترفين في الإعلام والأوساط الأكاديمية تنظّم احتجاجات وحملات دعماً لفلسطين، لهيبرأليغريك عبر البريد الإلكتروني: «غزة تُجَوَّع وتُبيد على يد إسرائيل، ويجب أن يُسَمَّى الأمر بمسماه. أي شيء غير ذلك هو مطاوعة جوفاء».
حذف المتحف منشوره يوم السبت وأصدر اعتذارًا، مؤكداً أنه «سيضمن أن تكون المنشورات في المستقبل مصمّمة ومُراجعة بعناية أكبر». وأضاف المنشور: «لقد نشرنا مؤخرًا مادة على منصات التواصل الاجتماعي كانت جزءًا من حملة مخططة سلفًا تهدف إلى تعزيز الشمولية والمجتمع، لكنّها كانت بسهولة عرضة لسوء الفهم من بعض الأشخاص باعتبارها بيانًا سياسيًا يعكس الوضع الجاري في الشرق الأوسط. لم يكن هذا ما أردناه. وقد أُزيلت لتجنُّب مزيد من الالتباس».
رفض متحدث باسم المتحف التعليق على دوافع المنشور الأصلي وحذفه، قائلاً لهيبرأليغريك إن البيان الجديد «يعكس الفكر والغاية وراء المنشور الأصلي».
أثارت خطوة المتحف بإزالة منشور أعتبره كثيرون إظهاراً غامضاً للتضامن مع الضحايا الفلسطينيين، وإصدار اعتذار عنه من مؤسسة تمثل ناجين من المحرقة، موجة من الاستياء في أوساط الفن والثقافة. ومع إيقاف إمكانية التعليق على منشور الاعتذار، عبّر فاعلون من عالم الفن والسياسة والنشاط على منصات مختلفة عن استيائهم من تراجع المؤسسة.
عبارة «لا مرة أخرى» لها تاريخ معقّد ومحل خلاف. يُعتقد أن أصلها يعود إلى بيت في قصيدة إليتزاخ لامدان «مسعدة» (1927) («لا تسقط مسعدة ثانية!»)، وتبنّاها الناجون من المحرقة بعد الحرب العالمية الثانية. ثم ربطت العبارة لاحقًا بنشطاء يمينيين متطرفين إسرائيليين مثل مير كاهاني، مؤسس مجموعة الجناح اليهودي الدفاعي، الذي روّج لها في الولايات المتحدة واستخدمها عنوانًا لكتابه عام 1972. لكن هناك يهودًا تقدميين ومعادين للصهيونية يرون في العبارة فرصة لربط صدمتهم التاريخية بالإبادات المعاصرة وإظهار التضامن مع الفلسطينيين. كثيرًا ما تستخدم الشعارات من قبل محتجين تابعين لمجموعة «الصوت اليهودي من أجل السلام»، وأطلقت الفنّانة اليهودية المقيمة في برلين كانديس بريتز مجموعة ملابس بعنوان «لا مرة أخرى تعني لا مرة أخرى» تذهب عائدات مبيعاتها إلى نقابة الصحفيين الفلسطينيين.