متحف فيلادلفيا للفنون ينظر في تمثال «روكي» عند بابه

«الصعود: روكي وصناعة النُصُب»
المعرض في متحف فيلادلفيا للفنون لعام 2026

متحف فيلادلفيا للفنون ينظم معرضاً في 2026 يضع في محوره عملاً شهيراً مرتبطاً بالمتحف لكنه في الواقع ليس من مقتنياته: تمثال روكي بالبوّا، الملاكم الخيالي الذي ابتكره سيلفستر ستالون، ويقف في أعلى السلم الحجري الضخم الذي صار يعرف بـ«درجات روكي».

المعرض الذي يحمل عنوان «الصعود: روكي وصناعة النُصُب» سيفتتح في ابريل، وهو من تنسيق بول فيربر، الشريك المؤسس لـMonument Lab، المؤسسة غير الربحية للفن العام في فيلادلفيا، التي أسسها في 2012 مع الفنان الكندي كين لوم وتعمل على إعادة تصور النُصب كمجالات للانتماء والتعلّم والشفاء.

فيربر، الباحث العميق في تاريخ النُصب العامة وتساؤلاتها، أوضح أنه بدأ يدرس تدفق الزوار إلى التمثال قبل خمس سنوات، ولاحظ طوابير مستمرة على مدار اليوم والسنة. وخلص إلى أن عدد زائري تمثال روكي يقارب عدد زائري تمثال الحرية، بل يفوق زائري جرس الحرية في فيلادلفيا؛ نحو أربعة ملايين زائر سنوياً. يأمل المتحف أن يجذب بعض الزوار الى دعم الحضور السنوي للمؤسسة، التي تسعى إلى تحسين صورتها العامة بينما تخوض نزاعاً قانونياً مريراً مع مديرة سابقة أُقيلت من منصبها.

يتقاطع معرض فيلادلفيا مع معرض «MONUMENTS» في لوس أنجلوس، الذي يستعرض تماثيل الكونفدرالية ويقارنها بأعمال لفنانين معاصرين — بعضها قائم وبعضها موكَّل — وقد طلب منظموه عملاً من Monument Lab.

سيتضمن معرض فيلادلفيا أكثر من 150 عملاً لفوق 50 فناناً، وآثاراً تمتد على أكثر من ألفي عام، لاستقصاء دور النُصب عبر الزمن ضمن فضاءات الفن الرفيع والرياضة والثقافة الشعبية. استغرق فيربر خمسة أعوام من البحث وعامين من العمل المباشر على المعرض؛ وهو خاتمة هوسه بموضوع روكي بعد تقديمه لبرنامج بودكاست متميز بعنوان «التمثال» عبر شبكة NPR ومحطة WHYY المحلية.

يقرأ  مجلة جوكستبوزبراد هوزلي:«المطاردة، النشوة، الوداع»في «نيوكليوس» — بورتلاند

يُصادف المعرض الذكرى الخمسين لصدور فيلم روكي، الذي حصد أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج لجون جي. أفيلدسن، وكتب نصه وشارك في بطولته سيلفستر ستالون. يروي الفيلم قصة ملاكم مفلس يحصل على فرصة غير متوقعة لمواجهة بطل العالم، أبيولو كريد، ويخسر روكي بالقرار المنقسم لكنه يحقق نصرَ معنويّاً بخوضه الخمسة عشر جولة كاملة. نجح الفيلم في أن يكون الأعلى إيراداً عام 1976 وأفرز ثمانية أجزاء متتابعة وسلسلة مشتقة بعنوان Creed.

ستالون، إلى جانب كونه ممثلاً، هو جامع فنون معروف وتضم مجموعته أعمالاً لفنانين معاصرين بارزين مثل جورج كوندو، داميان هيرست، راشيد جونسون، بريدجيت رايلي، ستيرلنغ روبي، وآندي وارهول، الذي رسم بورتريه الممثل أثناء تصوير روكي III.

يضم المعرض أعمالاً لفنانين مرموقين مثل كيث هارينغ، راشيد جونسون، ديليلاه مونتويا، تافاريس ستراشان، هانك ويليس توماس، كارا ووكر، آندي وارهول، وكاري مي ويمز، إلى جانب صنّاع من برنامج العدالة التصالحية لدى Mural Arts Philadelphia. سيصاحبه كتالوج يضم مقالات لفنانين ونقاد منهم أليكس دا كورتي، واللاعب السابق مالكولم جنكينز، والناقدة كاري ريكي.

يتناول المعرض أيضاً تمثال الملاكم الجالس الهلنستي (نسخة جبصية)، ويعرض مناقشات حول جاك جونسون، أول بطل عالمي أسود في الوزن الثقيل في ذروة عصر جيم كرو، ممثلاً في منحوتة لأوغسطا سافاج. كما يتتبع تاريخ صالات الملاكمة في فيلادلفيا ويختتم بجناح مكرّس للفن المعاصر.

من الأسئلة المحورية التي يطرحها المعرض: هل تمثال روكي عمل فني جوهري أم مجرد دعامة فيلم؟ أُنتج التمثال بأمر من ستالون لصالح التصوير، وصنعه النحات أ. توماس شومبرغ من كولورادو، المعروف بإنتاجه تماثيل رياضية رُفعت في متاحف ومؤسسات عدة، مثل National Art Museum of Sport، ومتحف فيلادلفيا نفسه، ومعهد باتلر للفنون الأمريكية، ومراكز تدريب أولمبية وملاعب شهيرة ومتاحف عسكرية.

يقرأ  تصويت بالإجماع يُقنّن صناعة الوشم في كوريا الجنوبية

فيربر يصف النقاش بأنه جزء عميق من التاريخ: السؤال عن كون العمل فناً أصيلاً أو بروب فيلميّاً طارد عمل شومبرغ وظل ملازماً له. أمضى فيربر وقتاً في مرسم الفنان ليفهم عمليته والأعمال الأخرى التي أنجزها، ولاحظ أن التمثال لم يُصنع من ستيروفوم كما كان ممكناً بل صُنع عبر عملية النحت والبرونز.

على الرغم من نقد بعض النقاد، فقد بلغ التمثال منزلة يتمنى لها كثير من الفنانين البصريين: «ساحة التقاء ثقافية»، كما يصفها فيربر، حيث تتقاطع قصص الآلام والانتصار والبحث عن متنفس وسط الشدائد؛ إنه موقع حج عالمي للأشخاص الباحثين عن طريقة لتجاوز الألم، و«قديس» الفئات المهمّشة. ومن الجدير بالذكر أن أشهر شخصية في فيلادلفيا هي ملاكم أبيض خيالي لم يعش حقيقة، بينما هناك ملاكمون سود حقيقيون كانوا وما زالوا أعمدة في مجتمعاتهم.

الدرجات الحجريّة تُعتبر المنصة الشعبية الأسمى — «جبل إفرست في فيلي» كما يسميها — حيث يتجلى صعود الناس وانتفاضاتهم. وفي سياق أوسع، يأتي معرض فيلادلفيا متزامناً مع لحظة أيقونية من هدم النُصب وخلع تماثيل الكونفدراليين التي تأججت بعد حركة Black Lives Matter؛ لكنه، كما يذكر فيربر، ليس أول لحظة من نوعها في التاريخ الأمريكي — فقد ذابت تماثيل الملك جورج الثاني في إنجلترا لصنع ذخيرة استُعملت في حرب الاستقلال.

فيربر يوضح أن الفضاء خارج متحف عالمي لعب دوراً ثقافياً نابضاً طوال حياته: «اذهب أي يوم لترَ الفن والحياة معروضين بكامل اشتغالهما. في المعرض استجبنا لإرث الانتفاضات من أجل العدالة الاجتماعية واليقظات والإضرابات العمالية التي جرت هناك. نشأنا كجمهور رياضي في فيلادلفيا وذهبنا إلى هناك للاحتفال». ويختم بتأملٍ موجز: النُصب نصنعها، والنُصب تصنعنا.

أضف تعليق