افتُتح المتحف المصري الكبير (GEM) في الجيزة أبوابه أمام الجمهور يوم الثلاثاء 4 نوفمبر، بعد حفل افتتاح بهرت به الجماهير وعُرضت فيه ألعاب نارية ومؤثرات بصرية شارك فيه قادة محليون وأوروبيون نهاية الأسبوع السابق — وكان العرض مشهدًا استعراضيًا ذا طابع درامي.حضرهاا الاحتفالات عروض معلّقة اجتازت قاعات العرض، وعروض طائرات الدرون، ومقاطع أوبرا وأوركسترا، ورحلة متعددة الوسائط عبر تاريخ مصر القديم.
بعد عقدين من انطلاقَ أعمال البناء بتكلفة تُقدَّر بمليار دولار، سيُعرض أكثر من خمسة آلاف قطعة مأخوذة من مقبرة الملك توت عنخ آمون لأول مرة منذ كشف عالم الآثار البريطاني هاورد كارتر عن مقبرته في 1922. يَصِف مُذكَّرٌ صادرٌ عن رئاسة الجمهورية وموقع المتحف مساحته بنحو 500 ألف متر مربع قرب مجمع أهرامات الجيزة، ويُعلن أنه أكبر متحف في العالم مكرّس لحضارةٍ واحدة. وقد تميّز حفل الافتتاح ببذخ إنتاجي شمل عروضاً جوية واستعراضية ومشاهد سردية ضخمة داخل القاعات.
طالت مدة إنجاز المشروع لأسباب عدّة منها انتفاضات الربيع العربي في 2010–2011، وجائحة كوفيد‑19 في 2020، فضلاً عن الصراعات الدامية في غزة والسودان التي وُصِفت بأنها ارتكبت فيها جرائم إبادة بحسب لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، وبحسب تقديرات وإدانات صدرت عن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
اقترح حسني مبارك إنشاء المتحف عام 1992، وهو الرجل الذي حكم البلاد عمليًا لسنوات وتُنسب إلى نظامه انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان؛ تنحّى عن الحكم بعد ثمانية عشر يومًا من الاحتجاجات أثناء ثورة 2011. وفي خضمّ تلك الأحداث تعرّض متحف الآثار المصري القائم في ميدان التحرير للنهب. وذكرت تقارير في صحافةٍ حكومية أن المتحف القديم أصبح مزدحمًا ومتهالك البنية، ما استدعى إقامة المتحف الجديد.
يُفيد موقع المتحف أن 97% من أعمال البناء أُنجِزت عام 2020، وأنه افتُتِحت أجزاءٌ مختارة منه جزئيًا في أكتوبر 2024 أمام ما يصل إلى أربعة آلاف زائر يوميًا. وكان الزوار قد اطلعوا بالفعل على أحد كنوز GEM الأبرز: مسلة رمسيس الثاني البالغة نحو 3200 عام، والتي وُصفت بأنها أول مسلة مرتفعة في مصر، إلى جانب تمثال ضخم للفرعون. والآن سيفتح المتحف مجموعته التي تضم نحو مئة ألف قطعة تُروِي تطور الحضارة المصرية حتى الحقبتين اليونانية والرومانية.
قبل أيام من الافتتاح الفخم، وجّهت فرع آسيا لمنظمة حماية الحيوان PETA رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي طالبت فيها بتخصيص أرباح المتحف لصالح مأوى للحيوانات، خصوصًا الإبل والخيول التي تُساء معاملتها ضمن منظومة السياحة المحلية، وأرفقت الرسالة فيديوًّا مروّعًا لما قيل إنه خيول ميتة استُخدمت لركوب السياح قرب منطقة الأهرامات.
في مقابلة حديثة مع البي بي سي، وصف عالم الآثار ووزير السياحة والآثار السابق زاهي حواس المتحف بأنه حلمه. وقال: «أريد أمرين: أولًا أن تتوقّف المتاحف عن شراء القطع المهربة، وثانيًا أن يعود إليّ ثلاثُ قطع: حجر رشيد من المتحف البريطاني، وزودياك من المتحف الوطني في باريس، وتمثال نفرتيتي من برلين.» حواس، الذي غادر منصبه عام 2011 ظاهريًا وسط اتهامات بالفساد، كان قد رفع مذكرات للمطالبة بإعادة هذه القطع، وزعم في أكتوبر الماضي أن تمثال نفرتيتي الجيري أُخرج من مصر بطرق غير قانونية على يد عالم مصريات ألماني عام 1913.
كتب أحد صحفيي الأهرام أونلاين أن المتحف المصري الكبير «ليس نسخةً عن اللوفر أو المتحف البريطاني، بل هو ردّ مصر الخاص عليهما؛ تلك المتاحف وُلدت من رحم الإمبراطوريات، وهذا المتحف وُلد من الأصالة. هنا، تروي مصر قصتها بصوتها الخاص.»