كم مرة نعيد التفكير في قدرتنا على العطاء واستقبال الحب؟ بالنسبة للفنان المقيم في بروكلين سكوت ألبريخت، تحوّل هذا السؤال إلى محور عميق للتأمل بعد أن تعرّض في عام 2023 لإصابة دماغية رضّية قبل افتتاح معرضته الفردي “ظل الشمس” في هاشيموتو كونتمبوراري بمدينة نيويورك. عقب هذه التجربة التي تغيّر مسار حياته، شرع ألبريخت في تأمل مستويات الترابط والرعاية بين الناس بصدق أكبر، مستقصياً كيف نهمل في كثير من الأحيان فرص التعبير عن المودة. في مجموعته الأخيرة “ما الذي يربطنا” يواجه الفنان هذا التحول الشخصي ويحوّله إلى تأمّل أوسع عن الاتصال الإنساني والقبول، ساعياً إلى تضخيم الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم ومع من حولنا.
تعمل أعمال ألبريخت عند تقاطع الرسم والنخشبة، حيث يعتمد لغة بصرية جرافيكية مصقولة تقوم على أساس من الطباعة والرسائل المجردة. عبر التجريد، يحوّل الفنان الحروف التقليدية إلى حوار تأملي يركّز على إنسانيتنا المشركة، مع إعادة بناء الأشكال داخل فضاء ثلاثي الأبعاد دقيق يحث المشاهد على مشاركة أعمق في القراءة والتأويل. بدلاً من الاكتفاء بالدلالة الحرفية، يدعونا العمل للتنقّل بين اللون والشكل والعاطفة لنسجل معاني جديدة ونقيم علاقات متجددة مع النص والصورة، مستجيبين لأنماط بصرية مألوفة لكن مصاغة بطريقة جديدة.
في معرضه الفردي الجديد لدى هاشيموتو كونتمبوراري في سان فرانسيسكو، يطرح ألبريخت تساؤلات حول وضعنا الافتراضي في التفاعل مع العالم، ويحث المشاهدين على تجاوز الاستهلاك السريع إلى فضاء للتأمل والاتصال. تبرز الأعمال كيف يمكن للتجارب الشخصية أن تكون شرارة لمزيد من لحظات التواصل وبناء العلاقات: تفسير كل فرد لعبارة ما يعمل كمحفز لفهم نقاط الضعف المشتركة، جاعلاً من تجربةٍ شخصيةٍ جسراً نحو أخرى. عبر ابتكار لغز جمالي ولغوي يدعونا إلى فكّه معاً، يفضح التفاوتات المسامية للغة حيث تتلاقى وتتباعد قواسمنا المشتركة. ومن منظور التعاطف هذا، يعيد العمل صياغة رؤيتنا للمألوف ويُبرز الخيوط الثابتة للحب والاتصال التي تمنحنا الإحساس بما يربطنا حقاً، داعياً إلى تأمل جماعي فيما يحملنا.