«لست مهتمة جداً بتجسيد الشيء بقدر ما أنا مهتمة بما تتيحه المادة من إمكانيات. لذلك أستمر في الاستكشاف»، قالت الفنانة والمعلمة والناشطة المدنية روث أساوا، متأملةً مسيرة امتدت ستة عقود. تُقدّم معرض روث أساوا: استرجاعية، الذي يضم نحو ثلاثمائة عمل، قراءة شاملة لتجاربها المستمرة مع المواد والأشكال عبر وسائط متعددة — من التماثيل السلكية إلى سبك البرونز، والرسوم، واللوحات، والمطبوعات، والأعمال العامة. هذه الاستعراضة ما بعد الوفاة الأولى يحتفل بكيفية تحويل أساوا للمواد والأشياء إلى موضوعات للتأمل، مطموسة بذلك الفواصل التقليدية بين التجريد والتصوير، بين الشكل والخلفية، وبين الفراغ الموجب والسالب.
صنعت أساوا فناً يومياً، ماضيةً في استكشاف الإمكانات التي لا تنضب لمواد بسيطة كالسلك والورق منذ أيام دراستها في كلية بلاك ماونتن في أواخر الأربعينيات. بعد انتقالها إلى سان فرانسسكو عام 1949 نما عملها بشكل مضطرد، فأنجبت جسماً فنياً واسعاً يتراوح بين تجارب لا متناهية من التماثيل السلكية الملفوفة إلى لوحات حبرية خطّية ذات إيحاءات كالغرافية.
كان المجتمع محورياً في فكرها وممارستها؛ فقد أنجزت عدداً كبيراً من الأعمال العمومية — نوافير وجدران تذكار وموراليات — منذ أواخر الستينيات، ووقفت في طليعة تعليم الفنون بمنطقة الخليج وخارجها. يأخذ معرض روث أساوا: استرجاعية من عملها ذاته دليلاً لفتح أبواب متعددة على أعمالها، داعياً المشاهد إلى إمعان النظر. كما يكشف عن نموذج ممارسة فنية متكاملة لدى أساوا، حيث كانت كل فعل يحمل إمكانية إبداعية، ولا انفصال بين العيش وصُنع الفن.