مجلة جوكستابوز «نيران الأشباح» هايف كهرمان — معرض جاك شاينمان، نيويورك

تتشرف صالة جاك شاينمان بعرض «نيران الأشباح»، مجموعة جديدة للفنانة هايف كهرمان، وتعد هذه مشاركتها الفردية الخامسة مع الصالة. تستند الأعمال الجديدة إلى مسار طويل من تأملات الفنانة حول التهجير والاغتراب، وفي الوقت نفسه تشكل ردّاً مباشراً على حرائق لوس أنجلس الأخيرة وتأثيرها المباشر على كهرمان وأسرتها. في نص كتبته خصيصاً للمعرض ومُدرج هنا بكامله، تتأمل كهرمان في عملية استيعاب هذه الأحداث والسعي المستمر لإيجاد معنى في العالم المحيط بها:

هايف كهرمان —

كانت رائحة المواد الكيميائية السامة التي خلفها الحريق في بيتي بألتادينا خانقة، حتى أن النفس أصبح عسيراً، ومع ذلك كان همّي استعادة ما تركته قبل الفرار: كتاب إيتيل عدنان «القيامة العربية». قالت عدنان مرة عن الشمس: «لأن الشمس خطيرة فهي قد تقتلك — تحرقك. لكن الشمس أيضاً حياة».

يخبروننا ألا ننظر إلى السماء. قُشر قزحيات أعيننا، احترقت وكُشطت كما يفعل المهاجرون حين يحرقون بصماتهم للتملص من شرطة الحدود. إعدام الآثار على الأصابع لتفادي المسح. يخطر لي إدوار غليصان حين أفكر في قزحياتٍ محروقة تزاوج بين الحق في أن تكون غير قابلة للقراءة والاغتراب. المفارقة مُدينة. هذه حكاية تتقاطع في شقوق التحلل والخصب، في عوالم الجن والروح غير المرئية، في طائر العنقاء الأنقى؛ أنثى سحرية تجدد الحياة وتبعثها عبر إحراق نفسها في عش من سعف النخيل.

من بين الإبادات التي اضطر جسدي للتصالح معها بعد أن أصبحت لاجئة في الغرب، فقدانُ الصلة المتجسدة بالأقارب الحيين وغير الحيين. أن تكوني مترابطة مع الأنظمة البيئية التي تلمسينها والتي تلامسك بالمقابل. أن تكوني منسجمة مع ما سمّته غلوريا أنزالدو «الروح» وما أفكّر فيه باسم «الجن». هل وُلِدَت الجن من لهب يغيب عنه ضوء الشمس ليعيش معنا غير مرئيين؟

يقرأ  مجلة جوكستابوز: «الغريبو الأطوار» ينتقلون إلى وسط المدينة — غاليري جي آر يفتتح فضاءً في ترايبيكا بمشاركة كازي تشان، ساتورو كويزومي وسوانجايا كينكوت

الاكتئاب بعد الحرائق جعل انفصالي عن ذاتي ملموساً ومغضباً. شعرتُ بأنفصال عن جسدي. «سرقتم صلتي بأسلافي. إلى أشباحي وجنّي وأحلامي. إلى مسقط رأسي والكونيات التي تحويها. إلى ريحي.» كيف ترسمين الريح؟ لقد أشغلني هذا السؤال لسنوات. الريح حركة وتغيير وحياة؛ الريح نار أيضاً. إذا كان التغيير إلهاً، كما تقول أوكتافيا باتلر، فليس أقل من أن تكون الريح إلهاً أيضاً. نُحيي ولادة كل عام بالرقص حول النيران في غرب آسيا. أسلافي عبدوا النار.

هل يمكنني أن أكون حدسية — بصيرة — بينما الصوت العقلاني الأبوي في رأسي يطالب بالدليل؟ كيف أُنجب وأقيم طقساً مع لوحتي من دون أن أبرر وجودها هنا؟ كطالبة لجوء تبرر ألمها لضابط الهجرة.

ظهرت نيران أشباحي في لوحاتي قبل أشهر من حرائق لوس أنجلس. «الطبيعة تحارب ذاتها»، تقول عدنان. الرحم يحترق كما في القصة التي رويت لي طفلة في غرب آسيا؛ حكاية آخرية عن حدث متشابك يتعدى الإنسان، يبدأ حين ينجرف «طُفيل» صغير — البرغوث — إلى فرن التنُّور وينفجر. موت البرغوث يؤثر في كل الكائنات الحية على الكوكب، وتنتهي القصة نهاية قيامةٍ أمّ تجلس على صاج حار ويشتعل رحمها.

أذكر قول أهلي: لا أصدقاء لنا إلا الجبال. لهذا اخترت هذا البيت؛ لقربه من الجبال — التي صارت الآن قاحلة ومتفحمة. اليوم ظل الغد. لاجئة حرب، لاجئة مناخ. وماذا بعد؟ كيف أعيد تذكّر صلتي بهذه الأرض؟ هل يمكن أن تكون نيران الأشباح مولِّدة؟ الرحم يحترق بغضب مثل بركان في هاواي، وسيمتد دخانُه حتى بعد إخماد النيران. تماماً كما أحواض الحرق التي تُركت في العراق وتطلق سمومها التي تجلبها إلينا رياحنا. هذا ما تفعله الحروب؛ تلاحقك بصمت.

بعد أسابيع من الحرائق عدت إلى بيتي. كانت الصبّارات في الحديقة قد أزهرت بكثافة لم أرَ مثلها من قبل، ومع ذلك كان كل شيء عبر الشارع رماداً. صار واضحاً أمامي أن هذا الدمار حمل معه أيضاً حياةً، وربما نشوء عالم آخر. موازٍ لهذا العالم الناشئ هناك نيران الأشباح التي تطاردني بينما أعيد تشغيل ذاكرة الحرب القليلة التي اختار عقلي الاحتفاظ بها في جسدي، اليوم، في لوس أنجلس. تطاردني حتى أعيد التذكر. فكيف أحلم بعالم ناشئ إذا أغمضت عيني عن الأشباح حولي؟

يقرأ  معرض تانيا بوناكداريغلق مقرّه في لوس أنجلوس

أضف تعليق