مجلة جوكستابوز — «الأمواج» ديفيد بنجامين شيري هكسلي-بارلور، لندن

يسر معرض هاكسلي-بارلور أن يقدّم «الأمواج»، معرضاً للأعمال الجديدة للفنان ديفيد بنجامين شري، في صالة العرض التابعة له في شارع سْوالو. في عرضه الثاني مع المعرض، تُعرض مجموعة مكوّنة من ثماني صور فوتوغرافية بحجمٍ كبير التُقطت في القارة القطبية الجنوبية خلال العام الماضي.

تشكّل هذه المجموعة عودة إلى الموطن وتقدّماً في الوقت نفسه؛ إذ وجّه الفنان عدسته نحو مناخٍ ومشهدٍ جديدين تماماً، يفرضان تحديّات خاصة. يواصل شري استكشافه لتحولات البيئة، ويعيد هذا المشروع تأكيد التزامه الطويل بالحفاظ على الطبيعة، بينما تفتتح أرض القارة القطبية الجنوبية أمامه أساطيرَ وتواريخٍ جديدة.

يتجلّى منهجُه في الحفظ من خلال اختياره للوسائل: استعمال كاميرات متوسطة وكبيرة الفورمات ومعالجة المواد في غرفة مظلمة باتباع تقنيات الفيلم التقليدية. في عصرٍ يزداد فيه التلاعب الرقمي، يسعى شري عبر هذه التقنيات التناظرية إلى حفظ تقاليد التصوير الفوتوغرافي وإحيائها. تُدرِجُ ممارسته ضمن تاريخ تصوير المشاهد الطبيعية، متتابعاً آثار أنسل آدامز وكارلتون واتكنز وغيره من موثقي الغرب الأمريكي، لكنها ليست محاكاتٍ حرفية للمواقع المصوّرة؛ فبألوانٍ زاهية — درجات الفوشيا العميقة، الأخضر البارد، والأصفر الدافئ — يكتسب عمله طابعاً تعبيريّاً، وتتحوّل الجبال الجليدية والكتل القطبيّة، بفضل تدخلاته في الغرفة المظلمة، إلى أشكالٍ غريبةٍ وكأنها من عالمٍ آخر.

ولدى شري، يمكن للّون أن يكون ذاكرةً أو استحضاراً لعاطفةٍ ما. عملية التصوير والانغماس في العالم الطبيعي تجربةٌ شخصية وروحية وتأملية في آنٍ معاً؛ ومن خلالها يسعى الفنان إلى فهم موضع الإنسان ضمن المحيط الطبيعي والمسؤولية المترتبة على ذلك. وكفنانٍ كوير يعمل ضمن نوعٍ غارقٍ في تقاليدٍ ذكورية، يخلق عمله سردياتٍ وفهوماتٍ جديدة للهوية والمكان.

حين كان عمله السابق يستكشف الأساطير المستمرة للغرب الأمريكي، المهيمن عليها رموز الجبال والوديان والأشجار العتيقة، تؤكّد صور القارة القطبية الجنوبية على الطبيعة الاندنائية العابرة للمشهد. تقف أعمالٌ من المعرض، مثل «ترانسفورمر» و«سليبنج ديلڤيرانس»، على الحافتين بين الرومانطيقية ووقائعٍ متوترة لبيئةٍ تتغير بسرعة. كانت مشاهدة القارة بمشهدها المربك وغير المطوّر، إلى جانب رصد تآكلها وتحوّلات غلافها الجوي المستمرة، تجربةً مفكِّكةً لصاحبها. ومع ذلك، يلحظ الفنان أملاً في تلاقي الجمال والدمار؛ فصورُه شهادةٌ على روعة الطبيعة وموقعنا داخلها، وفي الوقت نفسه نداءٌ عاجلٌ لحمايتها.

يقرأ  أوكودا: فوضى الألوان الزاهية — مجلة هاي فروكتوز

أضف تعليق