مجلة جوكستابوز — فون وولف: «المساحة البينية» في مارواني ميرسييه، بروكسل

تسرّ دار مارواني ميرسييه أن تعرض “المساحة بين” — معرضاً للوح جديدة للفنان البريطاني فون وولف — والذي يفتتح يوم 4 سبتمبر في قاعة العرض ببروكسل.

تصور الأعمال شخصياتٍ داخل فضاءات داخلية مقيدة أو مناظر طبيعية شاسعة، بحيث تتجنب العَنوَنة بزمن أو مكان محددين. نشأت هذه اللوحات بتعاون مع الذكاء الاصطناعي، لكن ليس كأدوات توليد صور تقليدية؛ بل اعتبر فون وولف الذكاء الاصطناعي محاورًا شاذًا يفرز طوفانًا من الاقتراحات البصرية، والمتشظيات، والهجائن الغريبة. من هذا الهذيان البصري يعزل الفنان لحظاتٍ ذات كثافة نفسية خاصة ويعيد صَياغتها يدويًا بالزيت بدقة كلاسيكية. النتيجة هي نوع جديد من الواقعية الأسطورية — واقع ينبثق من لاوعى الماكينة ومن المنطق الغريزي للفنان.

العناصر التركيبية المحيطة بالشخصيات — مثل القطارات اللعبة، والبيوت، واللآلئ — تبرز بتحديدها وغرابتها الآسرة، لكنها تبقى متحفِظةً على فسرتها؛ تشير إلى سردٍ محتمل من خلال أشكالٍ مُفصّلة بعناية، وتطفو كل لوحة على حافة التوتر بين الواقعي والسحري، مستحضرة فضاءً من التوتر النفسي العميق. كما يقول الفنان: “أنا مهتم بالمساحة بين الأشياء. لا يهم أي عصر تنتمي إليه الأشياء في اللوحات، فقد تكون طائرة معاصرة أو قفص طيور. الأهم بالنسبة لي ألا تكون رمزًا وأن هذا الإطار المرجعي الذي تمنحه لا ينبغي أن يكون جامدًا؛ فليس هناك معنى ثابت لها.”

تتجاوب اللوحات مع بعضها عبر لوحة ألوان متجانسة، فتشيّد رؤية لعالم ينحرف برفق عن الإحساس النيوتوني بالمكان. في لوحة “لهيب ذهبي” يلقي الشكل بظل يبدو مبتعدًا، كما لو أنه مُنَشَّط بحضورٍ متميز. تميل الشخصية بتوازن هش فوق بيتٍ مصغّر مشتعل، ألسنته تجريدية حتى تكاد تتحول إلى سكونٍ مستبعد. عبر مزج مقاطع من الدِقّة المتوهجة مع تشويهاتٍ دقيقة لقوانين الفيزياء، يحول فون وولف التكوين إلى حقل نفسي، فضاءً للداخلية والتأمل.

يقرأ  حفيدة ستيف ماكوين ترفع دعوى بقيمة ٦٨ مليون دولار بشأن لوحة لجاكسون بولوك

في “رحلة سرية” تستدير بطلة العمل بأناقة لتواجه نظرتنا، وتكتسب وجودها والحدورُ قوتها من خط الأفق المنخفض المستحضر للصور الكلاسيكية. تعبيرها — هل هو اندهاش أم مخاطبة؟ — مضاء بزوايا حادة على خلفية مخملية قاتمة للغرفة الفارغة، مما يشي بإحساس التوتر النفسي. القطار اللعبة المعلّق بسلسلة، وكأنه يسير على سكة ناقصة، ينبعث منه دخان — مشهد يدور في توازن تكويني مؤثر بين الدفع والسحب الغامض.

بين حدس البصيرة البشرية وتقنية متقدمة، وبين صنع الصورة وإيجادها من صدى المعارف الإنسانية، ينظر الفنان إلى كل وسيط في حقه: متميزًا ومستقلاً، لكنه في نفس الوقت مترابط بتناغم. كما يوضح فون وولف: “أرى الوسيلتين ليسا في ترتيب هرمي — بالنسبة لي، هما أقرب إلى الصوت والصدى، أو الجسد والظل. لن أضع الظل مكانًا أقل لأنّه يفتقر إلى جسدية الجسد، ولا أعتبر الصدى آلة أقل جمالًا أو قوة من الصوت.”

أضف تعليق