تسرّ مؤسسة فريدريكس آند فرايزر أن تُقدّم «الأبراج المدببة»، المعرض الفردي الأول للويزا أوين في نيويورك. تتبنّى منحوتات أوين ورسوماتها موادًّ تحمل تاريخها الخاص، فتتشكّل عبرها أشكال تبدو فيها الصلابة مؤقتة، وتتحوّل الهشاشة إلى قوة. من خلال هندسات تمتد نحو الذرى ومناظر مرسومة تلتقي فيها الذاكرة بالأسطورة، تَنتُج أعمال تبدو حميمية وفي الوقت ذاته مهيبة، تستحضر الملاذ والشوق.
مصنوعة من الورق العتيق وأشوك الورد البري، توحي منحوتاتها بحصون وذخائر وأبراج حالمة. تتصاعد أشكالها المدببة نحو الأعلى بضغف ونفَسٍ طالع، ومع ذلك تبدو أسطحها مطويّة ومخاطة ومجروحة، محافظة على جاذبية هادئة. في يدي أوين، يكتسب الثبات طابعًا هشا، وتبدو الأساسات نصف متذكّرة؛ أسطحها المشوّهة توحي في آن واحد بالجلد والبنية. تجاويف مخفيّة تلمّح إلى قصص لمسٍ، تلفّ وسلاماتٍ لقاءاتٍ مقدّسة.
ويمتد هذا التلاعب بين البنية والجوّ إلى رسوماتها، حيث تتلاشى العمارة في الهواء ويتحوّل المشهد إلى حالة عتبية بين عالمين. تنبثق غابات وأنقاض وسموات مُنيرة بالقمر في بقع من الحبر والباستيل والضوء. هنا، ينساب النور عبر كل مشهد كصدى ورفيق، مُشكِّلاً فضاءات تنزلق فيها المألوفات نحو ما هو ما وراءي العالمي.
عبر استحضار الشحنة النفسية للسريالية وضبط المينيمالية، تبتكر أوين أشكالًا تبدو متأصّلة في حاضرنا. تقترح هذه البنى شوقًا إلى الملاذ، بينما تُقرّ بهدوء أن الدوام والأمان أوهام. في عصر يميّزه انعدام الثقة — بالمؤسسات والحميميّة وحتى بالذاكرة نفسها — تُسجل هذه الأعمال رثاءً لما فُقد واقتراحات دقيقة لما قد يظل قائمًا.
داخل هذا المسرح الهادئ للأشكال، تضع أوين الهشاشة ليس كعيب بل كاستراتيجية مفاهيميه، مستخدمة موادّ متواضعة لاستكشاف هندسات الشوق والإيمان. في توتّرها الهادئ تكشف هذه الأعمال كيف أنّ المواد الهشّة قد تحوي عوالم كاملة — تواريخ، خسارات ومستقبَلات متخيّلة منقوشة على أسطحها.