مجلة جوكستابوز — ليديا بيتيت: «إي.إم.دي.آر» في غاليري جودين، برلين

علاج إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركة العين (E.M.D.R.) هو نوع من العلاجات النفسية يَستهدف الذّاكره الصادمة، ويساعد على إعادة المعالجه عبر تحفيز ثنائي الجانب — قد يكون ذلك بالنقر على جانبي الجسم أو بتتبّع جسم بصري بحركة العين من اليسار إلى اليمين بينما يوجّهك المعالج.

قررت الخوض في هذا المسار بعد شهور من آلام الظهر النفسية-الجسدية التي أثارها الضيق المرتبط بأحداث فلسطين، وما رَأيتُه من تحميل الضحايا مسؤولية آلامهم؛ خضت علاجًا بالكلام لأكثر من عقد، لكني شعرت بوجود عمقٍ آخر لا بد من مواجهته فبحثت عن طرائق بديلة. حُوِّلت إلى خبير وشرعت في رحلة امتدت ثمانية أشهر لملاقاة الماضي — غوص في مياهه المظلمة لأواجه صدماتي والذكريات المحتجزة فيها.

كان السائل الأسود دالاً متكررًا في عملي، في أصله إشارة إلى أفلام التلبّس والبيوت المسكونة حيث يتحول سائل الأنابيب أو الجسد إلى سواد للدلالة على الخباثة أو المرض أو اللعنة. في ممارستي أصبح هذا السائل تجسيدًا للصدمة: يهرب من الجسد رغم محاولات الإخفاء، أو يبتلع الجسد كلما اقتربت من القبول. مستوحًى بشدة من لوحة الألوان والصور البصرية في فيلم جوناثان غليزر “Under the Skin”، اخترت أن أوسع هذا الرمز في عرض E.M.D.R. — ماذا لو أخيرًا أثّرت سطح هذا السائل الأسود؟ ماذا لو غصت؟ ماذا سأجد داخل ماضيّ، وما الذي أخاطر به كي أستعيد شيئًا من السكينة؟

ترون جسدي في حالات متباينة — أخضر زمردي لامع في الفراغ، في مواجهة مع كائنات مجهولة في السواد، كمخلوق مخيف ومثير للشفقة ضائع في الظلمة، وكمرأة بالغة تعود لتتخذ موقع الطفلة مرة أخرى. يُستخدم اللون لبيان درجات الانفصال: أحادي الأخضر والأزرق ليرمز إلى اللحظات العميقة من العملية، واللحم الطبيعي حين أعود إلى الواقع. يتوارى الخط الفاصل بين الجوانب المظلمة والأجساد المُظلَمة في هذا العرض — حيث كانت هذه الجوانب متمايزة في أعمالي السابقة، يقربها E.M.D.R. من بعضها بعضًا.

يقرأ  جدارية ديفيد ووجناروفيتش التي تعود بعد ٤٠ عاماً لتختفي مجدداً

هدفي أن أشارككم رحلتي هنا — تجربة ذاكرة مستعادة، خوف الماضي، احتمال انحراف المسار، شعور النظر إلى ذاتك طفلاً وإدراك أنك تلومه على ما لم يكن ذنبه. الخوف والحماسة في نزع الطبقات ورؤية ما يزعجك حقًا، ما يُبقيك عالقًا في الماضي، والأكاذيب التي كنت أُخبئها عن نفسي والتي صار بإمكاني الآن أن ألبسها حُلةَ الحقيقة. ومن خلال فراغ الصدمة والعار تبرز لحظات من السكينة والوضوح التي تقود إلى القبول. — ليديا بيتت