يؤمن كلينتل ستيد أن كل لوحة فيها إمكانية أن تتحوّل إلى بوابة تقودنا إلى زمن وبُعد آخر. تبدو هذه دعوى جريئة، لكنها تلامس منطقًا ما حين يدعونا الفنان لنخوض تجربة المرآة في سلسلته الجديدة “مناطق زمنية مختلفة، أبعاد مختلفة” التي تستقصي مستقبلًا مُبتلعًا ومحسوسًا عبر الواقع المعزز، مقابل ماضٍ أكثر طبيعية حيث كانت البشرية مُكرِّسة للوحوش البرية والآلهة القوية — وفي بعض التلوينات، الواقعالقديم يختلط بالأسطورة.
تظهر أعمال ستيد بُعدًا استشرافيًا تقريبًا؛ فهي تنقل مسارات متخيّلة تعود بنا إلى الوراء وإلى الأمام في آن واحد. قدرته الفطرية على تفكيك أسطح الصورة وإعادة تشكيل المشاهد تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وهو يعالج رؤى مركبة عن السفر عبر الزمن، والكرات العائمة، وتجسيد الذكاء الاصطناعي، ورواد فضاء آكلين لحوم البشر، وطقوس شامانية، والأجسام الطائرة المجهولة، بل وحتى المصادم الكبير في سيرن.
تتسم هذه الصور الديستوبية ببُعد تجريبي حقيقي؛ فقد صيغت كلها بزيت سميك وبُنى لونية زاويّة تتناغم وتنبض ضد بعضها البعض. في مستقبل كلينتل ستيد نرى رجالًا سودًا يلتزمون طواعية خوذات الواقع الافتراضي ويختفون داخل حواسيب مركزية عملاقة لا تكترث للعالم الخارجي. وفي المقابل الحاد يعرض ستيد مراسم قبلية مقنّعة من الماضي، حيث يجتمع الناس ليقدّموا قرابين ويؤدّوا طقوسًا تكريمًا للآلهة والحيوانات البرية وحتى للسفن الفضائية المحلّقة فوق رؤوسهم.
أن يجعل المشاهدين يسافرون في الزمن عبر اللوحة إنجازٌ مثير للإعجاب، ولم يغفل ستيد توجيه دعوته إلى العودة إلى بساطات زمنية قد تساعدنا قبل فوات الأوان. هو يؤكد سريعًا أن لوحاته ليست انعكاسًا لحلمٍ خاص بـ”المستقبل الأسود”؛ بل هي أعمال عن الروحانية والزمن، وعن كيف يمكن لفهم أعمق لماضينا ومستقبلنا القريب أن يساعدنا على ترجمة تعقيدات حاضرنا.