معاينة مجلة جوكستبوز سيليست رابوني — «طقسٌ ما» معرض ماريان بوسكي، نيويورك

تسرّ غاليري ماريان بوسكي أن تقدم Some Weather، معرضاً لأعمال جديدة للفنانة سيلست رابون (مواليد 1985، نيوجيرسي). في معرضها الفردي الثاني مع الغاليري، تعرض الرسامة المقيمة في شيكاغو مجموعة لوحات تتناول قلق الاقتراب من منتصف العمر على صعيديّ الحياة الشخصية والمهنية في زمن يعجّ بالاضطراب السياسي والاجتماعي.

تَحمل لوحات رابون تفاصيل سيرة ذاتية مرئية، وإشارات لتاريخ الفن، ومقتنيات الحياة اليومية؛ وفي بيئات مسطحة بشكل لافت — محاطة ببقايا الحياة اليومية — تتلوى شخصياتها بطريقة تبدو مستحيلة داخل مساحاتها؛ أطرافها تضغط على حدود معمارية من صنع الفنانة نفسها، مختبرة الفاصل بين التصويري والتجريدي.

لـ Some Weather تقدم رابون مجموعة من اللوحات التي تعكس انسياب الزمن الحتمي، سواء على المستوى الحميمي أو السياسي الحاد. في إحدى عشر لوحة جديدة، تتراجع الألوان الصاخبة والمشبعة التي تميّز ممارستها إلى درجات مخففة غير معتادة — ما تسميها الفنانة «ألوان الحمية» — مستعارة من فيض الإعلانات عن ملابس عملية وديكور منزلي راقٍ التي بدأت تصلها عبر البريد وعلى حسابها على إنستغرام مع اقترابها من سنّ الأربعين. في هذه النغمات الحمية — بيج، كحلي، ذهبي، زيتوني باهت، و«غرافندر» الخافتة — تنكب شخصيات رابون على أنشطة الروتين اليومي: الطبخ، التنظيف، الاستحمام، الرسم، وقضاء الوقت مع الأصدقاء. أطرافهم المتلوية داخل المساحات الضيقة والمسطحة التي خلقتها الفنانة تبقيهم منغمسين تماماً — أو ربما مستسلمين — للمهام الموكلة إليهم.

رابون طالبة مُجتهدة في تاريخ الفن، ولوحاتها تشهد لتفاعلها المستمر مع هذا التاريخ. غالباً ما تضمّن لوحاتها إشارات إلى روائع سابقة — عبر رسومات على القمصان، ملصقات على أغطية الهواتف، نقوش على الملابس، ورسوم داخل كتب مفتوحة. وعلى عكس تلك الإحالات الصريحة أحياناً والمفعمة بالمغازلة إلى الأعمال العظيمة، تُظهر مجموعة اللوحات الجديدة تأثيرات شكلية لمجموعة من الفنانين والحركات الفنية؛ أبرزها ربما Sideline (after Ben Shahn)، حيث تستمد رابون الاستخدام الديناميكي للمساحة، اللوحة المكبوتة، والاتجاه الغريب للأجساد من عمل بن شاهن الرائد Men on a Bench (1940).

يقرأ  السياسة الاستشرافيةفي أعمال نانسي بوكانان

مصادرها التاريخية في الفن واسعة بلا منازع. تستدعي رابون رسامين أميركيين منتصف القرن مثل جورج توكر، جاكوب لورانس، مارسدن هارتلي، وتوماس هارت بنتون، كما تشير إلى تأثيرات ممتدة من فيليب غوستون، بولا ريغو، ماريا لاسنيغ، فرانسيس بيكون، وشدة الانفعال غير المتكافية في حركة «الواقعية الجديدة» الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى. المشترك بين هؤلاء الفنانين هو الاهتمام بتفصيل الأحوال السياسية والاجتماعية لعصرهم؛ كانوا شهوداً على حقائق القرن العشرين القاسية، وجعلوا ألم عقود التحول العالمي مرئياً. ما رسموه لم يكن جمالياً فحسب، بل كان واقعياً. كما قال بنتون عن جدارياته: «تصور الحياة الأميركية في القرن العشرين بواقعية. قد تكون حياة تحتاج الى نقد؛ لكن ليس لوحاتي عنها… للانتقادات القائلة إن جدارياتي صاخبة ومزعجة ولا تليق بالذوق الرفيع… الجواب وحيد: إنها تمثل الولايات المتحدة التي هي أيضاً صاخبة وليست في «الذوق الجيد»… كل تفصيل هو شيء رأيته وعرفته بنفسي.»

مستلهمةً من مصادرها التاريخية، تُبدي رابون بدورها واقعاً عالياً ومزعجاً، تلتقط القلق الكامن الذي يلون لحظتنا الراهنة. طوال Some Weather، تمضي النساء في مهام يومية — يطبخن، يستحمّين، يرسمن، يرتحن — وفي الوقت نفسه يجهزن أنفسهن لمستقبل مجهول. في مواجهة هموم التقدّم في العمر، ومخاوف من مناخ سياسي متقلب، وخشية من المجهول أشدّ من أي وقت مضى، تستعد هذه الشخصيات لمآل قاتم محتمل. يتجلّى هذا التحصين العاطفي بقوة في لوحة بعنوان Some Weather، الصورة المصغرة الحميمية التي استقى المعرض اسمَه منها: امرأة ترتدي غطاء مطر من الفينيل الأخضر وكنزة J.Crew تحدّق نحو عاصفة قادمة؛ وفي فمها عقد مزدان بأواصر صغيرة: شموس، سحب، وصواعق برق.

عادةً ما يُقال إن الطقس مادة لأبسط المحادثات. كما لاحظ الكاتب ديف بري، إن الطبيعة التافهة للطقس هي بالضبط ما يجعله مناسباً للاستعارة. عبارة «some weather» نفسها تفتح المجال لكل الاحتمالات — من ذروة الصيف إلى قعر الشتاء، ومن الكارثي إلى المعجز الظاهر. وبينما يستعد هؤلاء الأشخاص للعاصفة القادمة، يبقى في لوحات رابون مساحة من الدعابة والمزاح: نساء يسترخين في أحواض ساخنة بكؤوس مشروبات مبتكرة، يبحثن عن إرشاد عبر ألواح ويجا، يرسمن بالماركر على أحذية مصممة. في هذا التماس مع الخفيف، تذكرنا رابون بأن هذه الدورة من القلق واللايقين — مثل العاصفة المرتقبة — ستمرّ في النهاية.

يقرأ  مجلة جوكستابوز«ظروف تناظرية»أنجيلا بورسون في هاشيموتو كونتمبوراري، نيويورك

هكذا، تجعل رابون من لوحاتها مذكّرات بصرية عن هشاشة الزمن وقابليته للتغير، وتجمع بين الجدية والتسلية لتقدم رؤية معاصرة عن العيش والانتظار في عالم يهتز باستمرار.

أضف تعليق