تأمل جورجيو فازاري في مرات سخاء السماء ومودتها حين جمعت، في شخص واحد، ثروات لا حدود لها من النعم والمواهب النادرة التي غالباً ما توزَّع عبر أناس متعددين. بهذا الوصف افتتح فازاري فصلاً بارزاً في كتابه «حياة الفنانين» (1550) ليتحدث عن رافايل (رافايلو سانزيو دا أوربينو)، ذلك العملاق في عصر النهضة الذي اعتبره فازاري بمثابة «إله فاني» بين البشر.
تظل توليفة رافايل من الوضوح والجمال والتناغم حاضرة بقوة حتى اليوم؛ وتجسيداً لذلك، يعلن متحف المتروبوليتان عن معرض شامل بعنوان «رافايل: الشعر السامي» الذي سيُفتَتح في الربيع، ويضم أكثر من مئتي رسم ولوحة ونسيج وأعمال زخرفية — أول معرض دولي شامل في الولايات المتحدة يقتصر على هذا الفنان بمعظمه من قطع معارة.
سيشارك في المعرض أكثر من عشرين مجموعة عامة وخاصة من حول العالم، منها متاحف الفاتيكان حاملة جداريات رافايل الشهيرة مثل «مدرسة أثينا»، واللوفر بباريس، وأوفيزي في فلورنسا، والمتحف الوطني للفنون في واشنطن، ومتحف برادو في مدريد. استغرق إعداد المعرض سبع سنوات ويشرف على تنظيمه كلٌّ من كارمن سي. بامباخ، الباحثة المتخصصة في فن عصر النهضة وقسم الرسم والطباعة بالمتحف، وهي التي شاركت سابقاً في معارض متروبوليتان الضخمة عن ليوناردو دا فينشي وميشيلانجيلو.
وصف ماكس هوللاين، مدير المتحف، جمع هذه الأعمال معاً بأنه «فرصة استثنائية نادرة» لاستكشاف عمق براعة رافايل، إذ أن كثيراً من القطع لم تُعرض من قبل في هذا الجمع الموحد.
يمتد خط سير المعرض زمنياً من سنوات رافايل الأولى في أوربينو وحتى وفاته المبكرة في روما عن سبعة وثلاثين عاماً، مع عروض موضوعية تبرز نتائج بحوث علمية حديثة، رسومات تحضيرية، وتركيز خاص على أُطُر تصوير المرأة في فنه، كل ذلك لإعادة قراءة ممارسة رافايل في ضوء جديد.
من بين روائع العرض لوحة زيتية للبروفيل الحميم لبلداساري كاستيليوني، التي تُبرز الإضاءة اللطيفة والتفصيل الواقعي، بالإضافة إلى لوحة «العذراء والطفل مع يوحنا المعمدان الصغير في منظر طبيعي (الألبا مادونا)»، التي تُظهر براعة الفنان في اللون والتوازن.
سيناقش المعرض أيضاً «الشخصية الفنية الفريدة» لرافايل — ذلك الجمع بين فضائل عصر النهضة وسهولة اجتماعية مكّنتْه من كسب أصدقاء وراعين وإعجاب زملائه وفُتَيه في الورشة. كما يقتبس فازاري بأن الطبيعة خلقته هبةً للعالم، وأنها بعدما هُزمت فنياً في أعمال ميشيلانجيلو أرادت أن تُهزم أيضاً عبر رافايل بفن أخلاقي وجمالي معاً — تأويل يدل على المكانة الاستثنائية التي منحها له عصره.
من المقرر أن يُفتَتح المعرض في 29 مارس ويستمر حتى 28 يونيو، ليمنح الجمهور فرصة نادرة للتعمق في عالم أحد أعظم فناني عصر النهضة.