دخول معرض ناتالي كارج في مانهاتن السفلى يشبه إلى حدّ ما دخول خبر حي: الأعمال المعروضة هذه الأيام ليست معروضة للبيع، بل هي قطع فنية أُلقيت داخل حوار وطني حول حدود حرية التعبير بسبب ظروف نشأتها وقصص سحبها أو منع عرضها.
حتى 25 أكتوبر، تعرض منظمة Art at a Time Like This غير الربحية، التي شاركت في تأسيسها السردانية باربارا بولاك، أعمال فنّانين «واجهوا الرقابة عن قرب». المعرض بعنوان Don’t Look Now: A Defense of Free Expression يجمع أعمالاً مرّ عليها إلغاء معارض، سحب إقامات فنية، وحالات قمع أخرى، بعضها مرتبط بسياسات القمع المتعلقة ببرامج التنوع والشمول DEI خلال إدارة ترامب وبالمواقف المناوئة لقضية فلسطين. وحذّرت بولاك أيضاً من ميل بعض المؤسسات إلى الرقابة الذاتية، ربما نتيجة لتقليصات تمويلية أيديولوجية طالت جهات مثل المؤسسة الوطنية للفنون.
من بين الأعمال اللافتة لوحة دانيل سي ووكر “G is for Genocide” (2024)، التي استندت إليها بلدة فايل بولاية كولورادو لإلغاء إقامتها الفنية العام الماضي، فدخلت القضية في دعوى حرية التعبير التي رفعتها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية والتي انتهت بتسوية تفاوض عليها الفنّانة. بولاك قالت لـ Hyperallergic إن هدفها كان أن يرى الجمهور الأعمال نفسها لا مجرد صور إخبارية: التجربة المباشرة مع العمل تمنح انطباعاً أعمق عن نوايا الفنان وجودة صناعته.
حزمة أوراق مصفّحة متاحة في المعرض تروي قصة كل عمل وادعاءات الفنّانين بالرقابة: من حذف الصور على منصات التواصل إلى إلغاء إقامات كاملة ومعارض وبرامج فنية. جميع الأعمال معارة وستُعاد إلى أصحابها بعد انتهاء المعرض.
يتضمن المعرض أيضاً نسخة من صورة الطفولة المعدّلة للفنّان الترينيّ أنديل جوسين بعنوان “Magna Carta” (2025)، والتي كان من المقرّر أن تُعرض كبانر ضخم في معرض عن الجنسانية في الكاريبي ألغاه متحف الفن في الأمريكتين هذا العام دون تفسير واضح؛ وثائق أشارت إلى سحب تمويل حكومي لعرض آخر في المتحف الموصوف ببرنامج DEI. جوسين وجد فضاء عرض بديلاً في تورونتو لكنه اعترف بأنه لا يشعر بالانتصار.
وتُعرض في الطابق العلوي لحافَة يفون إيتن-سكوت “Origin” (2023) التي شُطبت من معرض متنقل لجمعية اللحّافات الأمريكية لخشية أن تُعتبر مثيرة للجدل. وقالت إيتن-سكوت إنها تشعر بالتقدير لعرض عملها إلى جانب فنّانين مرّوا بتجارب مشابهة، وأنها تأمل أن يثير المعرض مزيداً من النقاش حول حرية الفن والتعبير.
من الأعمال الأخرى: لوحة خanḥ نغوين هوàng فور «كيف نعيش كماء» (2024) التي تلمّح لعبارة «من النهر إلى البحر» وأُزيلت من نافذة صيدلية في ميامي بيتش، ومنحوتة لمارجريتا كابريرا التي سحبت مشاركتها من ندوة بمؤسسة سميثسونيان بداعي مخاوف الرقابة؛ ملصق لشفارد فيري تناول إساءة استخدام السلطة وكان موضوع دعوى حرية التعبير؛ وفيديو لإيفان أبوداكا أُزيل من مطار سان دييغو بزعم انتقاده للقوات المسلحة الأمريكية.
أحالت الجبهة الوطنية ضد الرقابة NCAC بولاك إلى عدّة حالات قيد المتابعة، واحتوى المعرض ندوة تضمنت إليزابيث لاريسون التي تقود برنامج الدفاع عن الفنون والثقافة في NCAC. قالت لاريسون إن كثيراً من عمل المنظمة في الدفاع عن الحرية الفنية خلال 25 سنة الماضية جرى بعيد الأنظار، وأن فعاليات عرضية كهذه تزيد من وضوح تلك القضايا وتكشف الطرق الخبيثة التي يمكن أن تهدد بها الرقابة ديمقراطيتنا.
بولاك شبّهت حالة التعبير الفني بما يشبه «كناري في منجم الفحم»: انّ القمع الفني غالباً ما يكون مؤشرًا مبكراً لطبيعة القمع الأوسع. وأضافت أن التجربة المباشرة مع الفن تمنح فهماً أعمق للمسائل الأخلاقية والسياسية والفنية من مجرد متابعة تقارير إخبارية، وتمنح الجمهور فرصة لاستعادة العمل الفني من هامش الخبر إلى موقعه الإبداعي الأصلي.
المعرض يذكّرنا بأن الأعمال المعارة هنا تؤدي دور توثيقي وسياسي، وأن معركة حرية التعبير في المشهد الفني الأميركي لا تزال مستمرة، متشابكة مع قضايا التمويل والمؤسسات والضغوط السياسية والردود المجتمعية. القدره على العرض، هكذا يبدو، ليست مجرد مسألة مكان بل مسألة جمهور وحق في السمعان والاختلاف. ارجو تزويدي بالنص المطلوب لاعادة صياغته وترجمته.