سلطات فيدرالية وصحفيون وُشهود ومُدّعيات ضد إبشتاين أمضوا سنوات في تفحُّص ممتلكات الممول ومقتنياته، محاولين تركيب عالمٍ بصري بدا في كثير من الأحيان مرآةً للاعتداءات التي ارتُكبت هناك. تقاريرٌ من آرت نيوز، نيويورك تايمز، آرت نت ومنشورات أخرى رصدت هوسَه بالتصويرات الجنسية والعروض المسرحية داخل ممتلكاته، والأشياء التي طمست الحدود بين الديكور والمراقبة.
الوثائق الأولى التي نُشرت بموجب قانون شفافية ملفات إبستين، رغم أنها جاءت محجوبةً جزئياً، تضيف الآن طبقةً جديدة إلى هذه الصورة. التفاصيل الجديدة تُثري السجل بأدلة بصرية من داخل منزله في مانهاتن وبشكايةٍ مبكرةٍ دُفنت طويلاً قدَّمَها فنانة تُدّعي أن إبستين تلاعب بأعمالها وسرق صوراً لها.
فيما يلي ملخّص بعض الاكتشافات الجديدة الواردة في ملفات إبستين.
إبستين امتلك لوحة جدارية بعنوان “طقوس البلوغ”
واحدة من أكثر الصور جدلاً بين الصور المنشورة حديثاً هي لوحة جدارية ممتدة من الأرض إلى السقف للفنان الكوبي الأميركي المقيم في ميامي خورخي ألفاريز، بعنوان “طقوس البلوغ” (1995). وفق تقارير إعلامية، تمتد اللوحة نحو سبعة في عشرة أقدام، وتسيطر على جزءٍ كبيرٍ من جدار غرفة نومٍ وردية داخل قصره في مانهاتن. تُظهر اللوحة صبياً في حالة انتصاب يرقص أمام خلفيةٍ تضم شخصياتَ بشَعر مشاغب تعزف آلاتٍ موسيقية. اللوحة انتقلت بهدوء في السوق إلى أن عاودت الظهور هذا الخريف في دار مزادات Collective Hudson في كينغستون بنيويورك، حيث لم تُباع.
الصور التي التقطتها الـFBI ونشرها مكتب العدل تُظهِر داخلية مشبعةً بصور مماثلة. الممرات وغرف النوم مُبطنةٌ بصور عارية ولوحات لنساء في أوضاع مبالَغ فيها وغالباً مشوهة. تمثال برونزي لصبي بقبعة بيسبول مائلة يقف قرب تمثال لفتاة تلبس ثوب عرس وتمسك بحبل. وفي إحدى الحمامات وثّق المحققون صورة لصبيَّين يلتقطان نظرةً إلى داخل ملابسهما الداخلية — الصوور المنشورة تُبرز هذا النمط من الإيحاءات البصرية والرمزية.
فنانة قدّمت شكوى في 1996 تتهم إبستين بسرقة صور لأخواتها القاصرات
إذا كانت صور المنزل تُضيء البيئة التي كوّنها إبستين في سنواته اللاحقة، فإن مجموعةً ثانية من الوثائق التي أفرج عنها مكتب العدل تُقدم نظرة أعمق على كيفية تداخل الفن مع جرائمه منذ عقود. من بين المواد المكشوفة شكوى قدمتها الـFBI عام 1996 بواسطة فنانة محترفة — أكَّد محاميها أنها ماريا فارمر، إحدى أوائل المدعيات المعروفات ضد إبستين. تُفصّل الوثيقة كيف سرق إبستين صوراً التقطتها فارمر لأخواتها القاصرات لاستخدامها في أعمالها الفنية، ثم حاول بيعها. وتذكر أيضاً أنه حثّها على تصوير فتيات صغيرات في أحواض السباحة، وهو طلب يبدو الآن كجهدٍ لجرّها إلى شبكته. وتشير الملفات إلى أنه هدد بحرق منزلها إن كشفت ما فعل.
الشكوى المؤرخة في 3 سبتمبر 1996 مهمة ليس لمضمونها فحسب، بل لما تدل عليه من خط زمنٍ واضح: كان لدى السلطات الاتحادية منذ ذلك الوقت مزاعم مفصَّلة تتعلق بالقُصَّر والصور والإكراه والأعمال المسروقة، قبل أي تبعاتٍ قانونية حقيقية لاحقتها. ووصفت فارمر شعورها عند اعتراف الوثيقة علناً بعد ما يقرب من ثلاثين سنة بأنه انتصار، فيما قالت أختها آني إن قراءة الملف أعادت إليها أثر الأذى الذي تعرّضت له فتيات أخريات بعد ذلك التاريخ.
فنانة أخرى قالت عام 2006 إنها “استُخدمت” من قبل إبستين
وثيقةٌ وُفِّرت من شرطة بالم بيچ تروي حادثة مُدّعاة بين إبستين والفنانة سوزانا ب. تروي. تروي تزور مقر إبستين في نيويورك عام 2006 بعد ترتيبٍ قال الوثيق إنه بواسطة غيزلين ماكسويل، معاونته المعروفة، المدانة الآن بتهم الاتجار بالبنات. كانت تروي في الأربعينيات حينها، وحاولت بيع بعض لوحاتها لإبستين، لكنه لم يبدُ مهتماً. ومع ذلك استمرّ التواصل بينهما؛ وتذكر الوثيقة أنها قدّمت له جلسات تدليك، وأنها في مرحلة ما شعرت بأنها “تُستغل” فأنهت العلاقة. كتب الضابط أن بعض الأفعال تمت بين “بالغين مُوافقين”، مُقتبساً كلمات تروي في حينه.
أضافت الوثيقة أن تروي رسمت عملاً بعنوان “رأس القضيب التكنولوجي” استناداً إلى اللقاء. لوحة بنفس العنوان تظهر على موقعها الإلكتروني، مُؤرَّخة في أماكن مختلفة إلى 1997 و1999 — أي قبل علاقة تروي المزعومة مع إبستين بعقد تقريباً — وتضم صوَرَ أعضاءٍ ذكرية متعددة ونصوصاً مكتوبة تعبّر عن فكرةٍ مفادها أن “الرجال يفكرون بأعضائهم، وإذا حَصَلُوا على ما يكفي من الخدمات الجنسية…”، وهو نص يظهر بوضوح انزعاجها من السلوك الجنسي السائد في تلك الدوائر. (طلبت آرت نيوز تصريحاً من تروي للتعليق.)
جيزلين ماكسويل وصفت لوحة كلينتون بأنها “قبيحة”
لوحة تَصوُّر الرئيس الأسبق بيل كلينتون مرتدياً فستاناً أزرق وكعوباً حمراء ظلت واحدةً من أكثر الأعمال غموضاً ضمن مقتنيات إبستين. الفنانة بيتينا رايان-كلايد، صانعة العمل، قالت إن الفستان يعود لمونيكا لوينسكي ووصفته بأنه “عملٌ طائش شبيه بعمل المدرسة”. في مقابلة أجراها مكتب العدل عام 2025 مع ماكسويل — أُفرج عنها حديثاً — أنكرت معرفتها بالحصول على اللوحة المعنونة Parsing Bill (2012)، وقالت إنها لم ترَها مطلقاً حتى ظهرت في الصحافة. ومع ذلك، وبدون أن يُطلب منها رأيها، قالت عن العمل: “بصراحة، ظننتُ أنه قبيح.”
إبستين وذوقه في الفن الحديث
في مجموعة ملفات تتعلق بمقر إبستين في جزر فيرجن وُجدت ورقة إثبات منشأ من سothبيز لعمل هنري ماتيس 1935 بعنوان Le Reflet (الانعكاس)، يصور امرأةً أمام مرآة؛ عُرض العمل في دار سوثبيز عام 2005، مع عدم وضوح ما إذا كان إبستين أو أحد المقربين منه حاول شراءه. كما أنه ليس واضحاً لماذا احتفظ إبستين بورقة إثبات المنشأ حين لم تُرافقها مستندات أخرى عن العمل.
مع ذلك، تظهر اهتماماته بالفن المعاصر في ملفاتٍ أخرى: صورٌ لمسجلات مدمجة (CDs) عليها أسماء فنّانين معاصرين مثل ماتيس وكلود مونيه وكيف فان دونجن. أحد الأقراص أشار حتى إلى عمل محدد: بيكاسو، Garçon à la Pipe (1905) الذي بيع مقابل 104 ملايين دولار عام 2004 — وكان الرّجحان آنذاك أن المشتري قد يكون غويدو باريلّا، رئيس شركة الباستا المعروفة باسمه.
وليس بيكاسو بغريبٍ عن ملفات إبستين هذا العام؛ ففي رسائل إلكترونية نُشرت الشهر الماضي ناقش إبستين محاولةً لاقتناء لوحة بيكاسو بمئة مليون دولار لصالح صديقه المقتنِي ليون بلاك عام 2015 من غاليري جاجوسيان، متسائلاً بمرارةٍ عن آلية التحويل المالي: “من ينقل مئة مليون دولار إلى الخارج دون عقد؟”
هذه الوثائق الجماعية تُرسم صورةً قاتمة عن كيفية تشابك الفن والامتياز والثقافة المؤذية داخل دوائر إبستين، وتؤكد أن عناصرَ بصرية وإجرائية كانت جزءاً من نمطٍ أوسعٍ من السلوك الذي طال أجيالاً من الضحايا.