من الأكثر طلباً في سوق العمل: خريجو تاريخ الفن أم علماء الحاسوب؟

كان الحصول على شهادة في علوم الحاسوب يُعتبر سابقًا الطريق الأوضح نحو وظيفة مستقرة وراتب افتتاحي مرتفع. بالمقابل، كان خريجو تاريخ الفن، حتى عام 2022، يُعدّون من الفئات ذات معدلات البطالة المرتفعة بين خريجي الجامعات الجدد.

اليوم، تبدو المعادلة قد انعكست.

تفيد بيانات أصدرها هذا العام بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك بأن خريجي تاريخ الفن الجدد كانوا أقل بطالة من خريجي علوم الحاسوب في 2023، إذ بلغت نسبة البطالة بينهم حوالي 3% مقابل 6.1% لحاملي شهادات علوم الحاسوب. وتشير الأرقام، التي تُحدّث بتأخير عامين، إلى أن أقسى وضع كان عند تخصصات الأنثروبولوجيا، بينما سجّلت تخصصات الهندسة المدنية والمجالات الصحية أدنى معدلات البطالة.

المعطيات لفتت الأنظار مجددًا بعد تقرير نيويورك تايمز الذي تناول تردّي معدلات البطالة بين حاملي شهادات علوم الحاسوب. بحسب بنك الاحتياطي، كانت نسبة بطالة خريجي علوم الحاسوب في 2023 ضعف نسبة بطالة خريجي تاريخ الفن — وهو انعكاس للوضع في السنة السابقة، حين بلغت نسبة البطالة لخريجي علوم الحاسوب 4.3% مقابل 8% لخريجي تاريخ الفن.

من ناحية التوظيف العام، يقارب أداء خريجي تاريخ الفن إلى حدٍ كبير تخصصات مثل علم الأحياء والإعلان والعدالة الجنائية والتعليم؛ غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء الخريجين يعملون داخل قطاع الفن ذاته.

يؤكد تي جي ديموس، أستاذ تاريخ الفن بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، أن صورة خريجي تاريخ الفن كغير قابلين للتوظيف مبالغ فيها في وسائل الإعلام عادةً. ويشير إلى أن خريجي هذا التخصص يمتلكون مهارات قابلة للتسويق بوضوح، منها التفكير النقدي، التحليل البصري، إجادة لغات أجنبية، ومعرفة واسعة بالتراث الثقافي — مهارات محل اهتمام لدى أرباب العمل في قطاعات متنوعة.

يقرأ  دور الذكاء الاصطناعي ذي الوكالة في مجال التعلم والتطوير — ما الذي يمكنه فعله؟

مع تراجع بطالة خريجي تاريخ الفن، تبقى مشكلة أخرى بارزة: نحو 47% من حاملي شهادات هذا التخصص يعملون في وظائف لا تتطلب شهادة جامعية، أي أنهم تحت المستخدمون (underemployed). هذه النسبة انخفضت عن بيانات العام السابق التي وصلت فيها إلى 62.3%، وأصبحت أقرب إلى المتوسط الوطني البالغ نحو 41%. بالمقابل، كانت نسبة من هم تحت المستخدمين بين خريجي علوم الحاسوب أقل بكثير، نحو 16.5%.

تفسّر أليسون شريفاستافا، خبيرة اقتصادية تعمل في ذراع الأبحاث لموقع التوظيف إنديد، جزءًا من هذه النتائج بعوامل التوقعات والسوق. تشير إلى أن قطاع الفنون والترفيه لا يزال دون مستويات ما قبل الجائحة من حيث التوظيف؛ فالسؤال المطروح هو: هل يجد خريجو تاريخ الفن وظائف فعلًا في مجالات الفن، أم أنهم أكثر استعدادًا لقبول وظائف تجزئة أو أي عمل متاح؟

هذا الميل إلى قبول أعمال خارج التخصص يفسر الانخفاض في معدل البطالة إلى جانب ارتفاع نسب التوظيف دون مستوى المؤهلات لِحاملي شهادات تاريخ الفن، حسب شريفاستافا. كما يوضح الفارق في الرواتب المتوسطة للمبتدئين: كان متوسط دخل خريج تاريخ الفن حوالي 45,000 دولار سنويًا، مقابل نحو 80,000 دولار لخريجي علوم الحاسوب، بحسب بيانات بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك.

حتى بداية أغسطس، أظهرت إعلانات الوظائف في قطاع الفنون والترفيه انخفاضًا بنحو 24.2% مقارنة بمستويات فبراير 2020، فيما ارتفعت إعلانات الوظائف على النطاق الاقتصادي العام بنحو 6% فوق مستويات ما قبل الجائحة. وعلى الرغم من هذا النمو الطفيف، تصف شريفاستافا سوق العمل عبر القطاعات بأنه «مجمّد» إلى حد كبير: الشركات لا تقوم بتسريحات واسعة، لكنها في الوقت نفسه لا توظّف بشكل مكثف.

تنحصر بعض أسباب تراجع وظائف التكنولوجيا في الإفراط بالتوظيف عام 2022 والتحولات التي أحدثتها تقنيات الذكاء الاصطناعى. أما أثر التضخم والتعريفات الجمركية فيمسّ كل قطاع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ وهذا يؤدي إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي، الذي سينعكس سلبًا على قطاع الفنون والترفيه وطلبه على العمالة. هده حالة من عدم اليقين في الاقتصاد تؤثر على الجميع.

يقرأ  صور مذهلة للشوارع والسفر — الفائزون في مسابقة «إكسبوجر ون شوت» ٢٠٢٥منصة التصميم التي تثق بها — تصاميم يومية منذ ٢٠٠٧

أضف تعليق