مواجهة غير متوقعة: فنان أمام الفناء

قوة أساكو تاباتا تكمن في قدرتها على جمع الفكاهة والرقة والحنين في آن واحد؛ صفات نادراً ما نجدها معبَّرة بهذه الشفافية في اللوحات الأوروبية-الأميركية التي تتناول موت الأحبة. هذا هو الموضوع المحوري لمعرضها الفردي الثالث «انتظار العظام» في غاليري سيزان، وقد أشار بيان المعرض إلى أن رحيل والدتها العام الماضي «مثّل فترة من التامل المكثف حول الفناء ومصيرها الشخصي».

يتضمّن المعرض نحو ستين عملاً متنوعاً، من مجموعات من الكولاجات المتساوية القياس التي تجمع بورتريهات الناس والزهور والحيوانات في تقليد يذكّر بتبجيل بطاقات العمل اليابانية (ميشي)، إلى لوحات زيتية رثائية مثل «باي باي» (2024) و«انتظار العظام» (2025)، وصولاً إلى منحوتة من الورق المعجن معلّقة بعنوان «الصعود إلى السماء» (2025). تبدو الأخيرة كصدفة سوداء ذات شقوق يطلّ من خلالها المشاهد على نساء وحيدات على متن قوارب.

في مركز العرض تتواصل هذه الأعمال الثلاثة لتشكّل تسلسلاً سردياً يقلب المعنى على نحو مفاجئ: من الموت والوداع والاحتراق إلى الطفو نحو جنة مفترضة لا نراها فعلاً. «الصعود إلى السماء» تبقى معلّقة في الهواء، والنساء اللواتي تملأها يترددن صدى الشخصية الوحيدة في «باي باي» — امرأة تقف في قارب قُصّت حافّته اليسرى ضمن الإطار. تواجه المشاهد ورافعًة يدها مودعةً؛ وعلى الجانب الآخر من اللوحة تمتد يد أكبر متجهة إلى الأسفل، بأصابع مبسوطة — إيماءة lâترك — يمكن قراءتها بطرق عدة: تشابه الحركة عند الأم والابنة، أو مشاركة مصير الفناء، أو فعل توديعهما لبعضهما البعض.

تقود عزلة تاباتا التأملية إلى مواجهة مفاجئة مع الموت. عن لوحة «انتظار العظام» قالت: «حين أصير عظاماً، يا له من حزن إن لم ينتظرني أحد. أثناء الرسم تساءلت — هل الأحياء من ينتظر العظام، أم أن الراحلين هم من ينتظروننا؟ في النهاية شعرت أن المسألة غير مهمة. فقررت أن أستطيع انتظار نفسي.»

يقرأ  أنغام اللوحات — سيرج تانكيان

حتى عندما تتعامل مع مواضيع محمّلة ومألوفة مثل وفاة والدتها وفانيتها، ترفض تاباتا الحلول النمطية. تقدم رؤى غريبة ومباشرة تكشف تعابير مشاعرها المتضاربة. الشخصية المرسومة بخطوط محددة في «باي باي» متفردة وفي الوقت نفسه مجهولة الهوية؛ النقاط والخط الذي يرسم العينين والفم لدى امرأة بلا ملامح يلمّح إلى تبدّد الذاكرة البصرية. وبجعل الشكل واليد بلون رمادي مخطّط يندمج مع خلفية تبدو كالمحيط، تُقِرّ تاباتا بأن الفوضى لا مفرّ منها وأنها جزء منا.

منحوتة ورقية أخرى بعنوان «هيلو» تُجسّد امرأة شَعرها رمادي ترتدي ثوباً كالكيس وتمسك هاتفاً بعيداً عن أذنها. هي جالسة على لوح مدعوم بأربعة أرجل طويلة ونحيلة. كل عنصر في العمل يعكس هشاشة حالتها العاطفية: الأرجل الرقيقة والمقعد الضيق، بعد الهاتف عن الأذن، تكرار خطوط الفستان السوداء والرمادية في أرجل المقعد — التي لا تبدو قادرة على حمل وزنها — وموضع المرأة المرتفع بشكل محفوف بالمخاطر.

بغض النظر عن الحجم أو الدعامة أو المواد، بما في ذلك قطع الخشب المعثور عليها والقماش والورق المعجّن، تحفر أعمال تاباتا شعوراً غير مكتمل الدلالة. كل عمل، بنفاذه ودقته، يستحضر حالات داخلية مركّبة ترفض التفسير المسطّح أو الاختزالي.

معرض «أساكو تاباتا: انتظار العظام» مستمر في غاليري سيزان (525 شارع ويست 26، تشيلسي، منهاتن) حتى 18 أكتوبر. نظّم المعرض الغاليري.

أضف تعليق