موراي باولز توثيق من الداخل لمشهد البانك في خليج سان فرانسيسكو خلال التسعينيات

كان موراي بوولز، بحسب كل الشهادات، نوع الفنان الذي يُنْحَت له احترامٌ خاص. لأكثر من أربعين عاماً حضر بانتظام حفلات البانك، موَّثِّقاً فرقاً صاعدة في أماكن مُهترِئة ومؤقتة في شمال كاليفورنيا، وبخاصة في إيست باي. ومن كثرة الممارسة أتقن تقنية تصويرية صار يُشار إليها باسم «هيل ماري» ثم أُطلق عليها لاحقاً لقب «هيل موراي»: ذراع ممدودة فوق الرأس وجسد ما يزال يتدافع في الزحام، تلتقط في لقطة واحدة روح العرض وكل طاقته الفوضوية. نعم، منحته الساعات الطويلة من التدريب مهارة، لكن حبه العميق لمشهد البانك في إيست باي—حب لم يضعف بل تعمق مع تصويره لأجيال من البانكرز—هو ما حوّل تلك المهارة إلى فن يتخطى مجرد تصوير الحفلات.

كم نحن محظوظون إذن بأن ثمة فرصة للعودة إلى تلك اللحظات والتأمل في صور موراي الماكرة والبارعة في كتاب «هيل موراي!: تصوير البانك في خليج باي لموراي بولز 1982–1995»، الصادر حديثاً عن دار لاست جاسب في سان فرانسيسكو وبإشراف محبٍّ من صديقته الطويلة الأمد آنا براون.

شاركت براون موراي العمل على هذا الكتاب قبل رحيله عام 2019، وبعد موته قضت خمس سنوات بدفعٍ ذاتي ومن دون مقابل في تفتيش آلاف النيغاتيفات. كانا يحلمان بكتاب يوثّق المشهد ويحتفظ به للأبد؛ وعندما فارق الحياة، أرادت براون أن تُحيي الفكرة كتكريم للرجل الذي أعطى الكثير للمجتمع Punk.

«من الصعب أن نُعَبِّر عما كان يعنيه موراي بالنسبة إلينا»، تقول براون. «لم يكن خارجياً ولا مُتَلَصِّصاً ولا عمّاً مرحاً؛ كان واحداً منا. صداقة حقيقية في مشهد مفتوح لكل الأعمار—ولهذا حظي بوصول لا يُصدّق إلى كل شيء، كانت حضوره عامّة، وكان الجميع يثقون به».

هذه الثقة لم تقتصر على الموسيقيين فحسب، بل شملت الجمهور أيضاً. كل أسبوع، كان الجمهور والفنانون يتدافعون ليتفحصوا الصور التي كان يبيعها موراي مقابل ربع دولار—قليلٌ يكفي لمعالجة الفيلم. كان حضورك في إحدى صوره بمثابة طقس عبور، علامة أنك أصبحت جزءاً من العائلة.

يقرأ  ثمانية كتّاب في الفنون يُكرَّمون بجوائز رابكين 2025

طاقة المشهد بأكملها تشع من كل صورة التُقِطَت بيده؛ تكاد تشم رائحة العرق وتشعر بحرارة العازفين والوجوه المبتسمة والمتمتمة في الحفر. ترى الفرح والألم، وتلحظ ذاك الوجود المراهق المكثف المعبر عن مشاعرٍ جمة على الوجوه. تصفح الصفحات تجربة مفعمة بالنشوة؛ إن لم تكن هناك فعلاً، فستتمنّى بشدّة لو أنك حضرْت.

لقد ساعد بول كورّان براون شهوراً في تصميم الكتاب من دون مقابل. كورّان، الذي عازف في عدة فرق من مشهد إيست باي (بما فيها Crimpshrine) ومصمم غرافيك لمجلة الميكزيمومروكنرول، كان واثقاً من أهمية موراي بالنسبة لنا جميعاً. «أردت المساهمة لأن موراي كان يعني الكثير للكثيرين منا»، يقول كورّان.

ومن بين الاكتشافات المثيرة أثناء تصميم الكتاب ملاحظة التباين بين الصورة النمطية للبانك في ثمانينيات القرن الماضي والواقع الفعلي للمجتمع: لم يكن المشهد مجرد شبان بيض بمدببات وجلد، بل كان يضم نساءً وكثيرين من أصحاب البشرة الملونة—جميعهم هناك يستمتعون ويشاركون، وموراي التقط كل ذلك بدقّة.

حتى طباعة الكتاب جاءت بدعم جماعي: عرضت فرقة غرين داي تمويل الطباعة، وساعدت سخاءاتهم، مع وقت وجهد موسيقيي ومحبي البانك في إيست باي، براون على إخراج الكتاب الذي شعرت أنه استحقّه موراي. هذا التكافل يبرز الأثر الدائم الذي خلّفه بولز في من صوّرهم: أن كثيرين اضطلعوا بالمهمة ليمنحوا الرجل الذي عاش طويلاً على الجانب الآخر من العدسة لحظته المستحقة تحت الأضواء.

أضف تعليق