نُسُجٌ تَحْوِي العَالَمَ

صورة التركيب لنور جودة: «كيف نحمل الأزرق اللامتناهي؟» (2025)، قماش قطني مصبوغ يدوياً، فولاذ (جميع الصور: آنا ساوتر/هايبراليرجيك)

بريستول، إنجلترا — تتطلب الجرأة أن يقبل فنان شاب عرض مساحة معرض بحجم مستودع على أن يخفض شيء من عظمته ليجعل التجربة إنسانية ومقاربة للمقياس البشري. في أول عرض منفرد مؤسسي لها، تنصب الليبية نور جودة خيمة في منتصف قاعة سبايك آيلاند الشاسعة. نقشٌ شبه تجريدي مستلهم من النباتات يغطي القماش المصنوع يدوياً، ليكون هذا التركيب رمزاً مستمراً لاستكشاف جودة للطبيعة العابرة والدورية والمستديمة للعمل الفني والمنظر الطبيعي معاً.

المساحة الحميمية التي صيغت كموقع للذكرى، تحت عنوان «السوسن ينمو على جانبي السياج» (2025)، أُنتجت بالتعاون مع حرفيين من شارع الخيامية في القاهرة، الذين كثيراً ما يُكلفون بصناعة «مساحات ثالثة» مؤقتة أثناء المهرجانات والتجمعات. يضع النص التقديمي الخيمة كـ«ملاذ حميم» يلتقي فيه الزوار لـ«حزن منظر طبيعي اقتلع أو تُجرد أصوله». بطرائقها، وتدلي جوانب الخيمة على الأرض، تتحول إلى ممر أكثر من كونها مكاناً مناسباً لحزن طويل المدى؛ لا مقاعد تُدعى للجلوس ولا مساحة كبيرة للتحرك حول زوار آخرين.

مع ذلك، تصل الفكرة الأساسية لعمل تركيبي يشكل مساحة حميمة للتفكير في المناظر المفقودة بقوة إلى المتلقي. زُيّنت الخيمة بزخارف نباتية، بينها تجسيد جزئي ومجرد لسوسن «فقـّوعة» ذي البتلات البنفسجية، زهرة فلسطين الوطنية. كرمز عاطفي للمقاومة والصمود والأمل، تذكّر حاضريها أيضاً بخسارة الأرواح والتراث الثقافي والتنوع البيئي الناجم عن الحرب والإبادة في غزة. ثمة بعد طبوغرافي في نسيج جودة المحكم؛ تلمح طبقات الألواح ذات الألوان الترابية إلى أن الأرض، رغم هشاشتها، تظل وعاءً دائماً لذاكرة ثقافية.

يشتمل العرض أيضاً على مجموعة من أعمالها الجداريه المنتقاة، التي صُنعت خصيصاً لهذا المعرض. توضح هذه القطع عملية عملها المكثفة: تصبغ الأقمشة يدوياً بأصباغ طبيعية، ثم تقطع الأشكال وتعاد تشكيلها إلى تراكيب شبيهة بالنسيج الجبري. معلّقة ببضع سنتيمترات عن الحائط، تحوي فراغات وثقوباً صغيرة تكشف عن تعقيد بنائها. إنها لا تُخاط فوق خلفية جاهزة، بل تُجمع قطعة فَقطعة حتى تتكامل صورة موحدة. النتيجة شكل متقن من الباتشوورك الذي يشهد لظروف صناعته كعمل تصحيح وشفاء.

يقرأ  مارك ماركيز يتوّج بلقب بطولة العالم لموتو جي بي ٢٠٢٥ بعد فوزه في الجائزة الكبرى اليابانية

عبر ممارسة جودة كلها، تُصنع كل قطعة جزئياً من باقصات أعمال سابقة، فتخلق استمراراً إبداعياً وإحساساً بالدورة والعابر والثابت — ذات المادة نفسها للذاكرة الجمعية. يتلاشى الحد بين الاستوديو ومساحة العرض عبر حلقات التغذية الراجعة لديها، مثل قرارها تعليق أقمشة متبقية من درجات معينة على هياكل معدنية لصنع شاشة عند مدخل المعرض. بهذ الشكل، تحولها إلى عتبة حيث تُصاغ التاريخ والذاكرة والمنظر الطبيعي وتُحزن وتعود باستمرار.

عرض «Nour Jaouda: Matters of Time» مستمر في سبايك آيلاند (133 طريق كمبرلاند، بريستول، المملكة المتحدة) حتى 11 يناير 2026. المعرض من تنظيم المؤسسة.

أضف تعليق