إعارة قطع ثمينة من المتحف البريطاني إلى دول كانت خاضعة للامبراطورية البريطانية
يقدم المتحف البريطاني بعضاً من أبرز مقتنياته الأثرية والفنية لإعارات طويلة الأمد إلى دول سبق أن استعمرتها الإمبراطورية البريطانية. وطالبت هذه الدول لعقود باعاده القطع التي تعتبرها مسروقة، بينما يبدو أن المؤسسة تسعى في الوقت نفسه إلى تلطيف الانتقادات عبر إرسال آثار تاريخيه قيّمة—أحياناً ليست بالضرورة من مقتنيات البلدان المستضيفة.
في خطوة هي الأكبر من نوعها تجاه الهند، استضاف متحف تشاتراپاتي شيفاجي مهاراج فاستو سانغراهالا (CSMVS) في مومباي حوالى ثمانين قطعة معارة، من بينها نموذج خشبي قديم لسفينة نهرية مصرية، وتماثيل سومرية دينية تعود إلى نحو 2200 ق.م، فسيفساء رومانية قادمة من لندن، وتيجان رخامي تمثل الإمبراطور الروماني أوغسطس، وفق تقرير صحيفة التليغراف. وتُعد هذه الإعارة الأكبر على الإطلاق من حيث المواد القديمة المرسلة إلى الهند، كما أنها أول صفقة من هذا النوع بين المتحف البريطاني ومؤسسة متحفية غير غربية.
«ليس لزاماً أن تحرج بلدك لتفعل خيراً لغيرها»، قال نيكولاس كولينان، مدير المتحف البريطاني، للتليغراف. «هذا الأمر يمكن أن يكون مفيداً للغاية. الدبلوماسية الثقافية — هذا ما يجب أن تقوم به المتاحف.»
تُعرض القطع في قاعة تهدف إلى تفنيد «التأويلات الاستعمارية الخاطئة» من خلال إبراز مساهمات الهند في الحضارة، بحسب التقرير.
وقال سابياساچي موخرجي، المدير العام لمتحف CSMVS: «كل الثقافات عظيمة ويجب أن نحترمها جميعاً. من خلال هذا المعرض نعمل على عملية إزالة الاستعمار من السرد التاريخي. عانينا لسنوات وامتد تأثير الاستعمار إلى تعليمنا وثقافتنا. هناك نوع من النهوض. سأستعمل كلمة ‘تمرد’ لكننا ننهض بكرامة ونفخر بتاريخنا.»
يمتلك المتحف البريطاني مجموعة من الأعمال الخاضعة للنزاع، من بينها تماثيل برونزية من مملكة بينين المعروفة باسم «برونزات بينين»، ورخامات البارثينون (المعروفة سابقاً برخامات إلجين) القادمة من أثينا. يُحظر قانون المتحف البريطاني لعام 1963 على المؤسسة تسليم هذه القطع المتنازع عليها، ورغم ذلك تجري محادثات طويلة بين السلطات البريطانية واليونانية بشأن إمكانية إعارة الرخامات. كما سبق للمتحف أن أعار بعض الأعمال الفنية المنهوبة من أسنتي إلى معرض في غانا.
من أمثلة الكنوز المثيرة للجدل من حقبة الاستعمار في الهند ماسة «كوهي نور» التي اكتُشفت في منجم كولور في ولاية أندرا برديش الحالية وأصبحت جزءاً من جواهر التاج. استسلمت الماسة للملكة فيكتوريا عند تتويجها إمبراطورة للهند، وتطالب بها الهند وإيران وباكستان وأفغانستان. (الماسة مُرصعة حالياً في تاج الملكة إليزابيث الأم وموجودة في برج لندن؛ وليست من مقتنيات المتحف البريطاني.)
ويحتفظ المتحف أيضاً برخامات أمارافاتي، المأخوذة من المزار العظيم في أمارافاتي، الذي بُني نحو القرن الثاني قبل الميلاد في أندرا برديش، وهو واحد من أكبر وأهم المعالم البوذية في الهند القديمة.
في السنوات الأخيرة سعت العديد من المتاحف الغربية إلى إرجاع القطع المنهوبة إلى بلادها الأصلية، بما في ذلك أمثلة من الهند. إلا أن اقتراح كولينان يتبنى مساراً مختلفاً: نموذج تعاون بدلاً من منطق صفر-جميع أو لا شيء.
قال كولينان للتليغراف: «هناك نموذج آخر، أكثر إيجابية، يقوم على التعاون بدلاً من ذلك النموذج الثنائي الصفري الذي يطرحه البعض. نعتقد أن هذا النموذج الذي نُطوره إيجابي ومبتكر للغاية. كل حالة فريدة؛ لا يمكن تطبيق معايير واحدة على ثقافتين أو بلدين أو إقليمين مختلفين. بعضها أصعب من الأخرى. لكننا ما زلنا نجرب.»