منذ بضع سنين، في معرض ارت بازل باريس، سعى معرض غاليري أوف إيفريثينغ في لندن لعرض أعمال الرسّام الهاييتي الأوتوديدَكت الراحل هكتور هيبوليت، الذي بات اليوم يُنظر إليه كأحد روّاد الحركة السريالية. ردّ المنظمين في المعرض، حسبما روى مؤسس المعرض جيمس بريت لمجلة ARTnews، كان ببساطة: «ليس الآن».
مع ظهور أعمال هيبوليت أخيراً في عدة معارض سريالية كبرى شهدتها السنة الماضية بمناسبة مئوية الحركة، يُعيد المعرض تقديم أعماله في ارت بازل باريس التي تُفتح للعموم في 24 أكتوبر. يُعرَض هذا العمل بوصفه أول استعراض مُنظَّم للفنان في أوروبا: جناح منفرد في قطاع «Premise» سيضمّ لوحات لهيبوليت، بينها ثلاث قطع عُرِضت سابقاً في المعرض التاريخي «Le Surréalisme en 1947» الذي أقيم في باريس ذلك العام.
مقالات ذات صلة
ستتضمّن المعروضة أيضاً مواد توثيقية وصوراً للمؤلف تعود إلى عام 1946، إلى جانب مقالة بعنوان «هايتي في ذهني» كتبها المخرج والكاتب المالي مانثيا دياوارا، بالتعاون مع المؤرِّخة الفنية والمنسقة والمربية المتحفّية تيري جيس.
«هذا العرض أرقى وأكثر سياقاً من أيّ شيء قُدِّم من قبل. إنها فرصة فريدة لرؤية أعماله»، قال بريت، مستذكرًا كيف قدّمه له صديق مقرب قبل نحو خمس وعشرين سنة، وكيف صادف أنّ لوحات هيبوليت كانت «مذهلة الاستثنائية، ديناميكية ومُنفّذة ببراعة، وحكاية حياته كانت فريدة من نوعها».
وُلد هيبوليت عام 1894 في سان مارك بغرب هايتي داخل عائلة من كهنة الفودو. اشتغل بصناعة الأحذية وطلاء البيوت قبل أن يبرز كفنان مشهور بتصويره الملون لآلهة الفودو والروحانيات في بلاده الكاريبية. قيل إنه أنجز مئات اللوحات قبل رحيله المبكر في سن الرابعة والخمسين عام 1948، بينما كانت شهرته الدولية في تصاعد.
انتشرت سمعته في الخارج جزئياً بفضل جهود الكاتب والشاعر ومؤسس السريالية أندريه بريتون، الذي سافر إلى هايتي عام 1945 لحضور معرض للرسّام الكوبي ويفرِدو لام. هناك ألقى بريتون محاضرات لطلبة الجامعة وشاهد طقوس الفودو على الجزيرة، كما زار «مركز الفن» في هايتي الذي أسسه الفنان الأميركي ديويت بيترز بعد تقديم من الشاعر فيليب توبي-مارسلين؛ التقى بريتون بعدد من الفنانين الأوتوديدَكت الذين أسره عملهم، بينهم هيبوليت، الكاهن الذي كان يرسم بريش دجاج، وفرَش وأصابعه. انتقل هيبوليت لاحقاً إلى بورت او برنس وعمل في ورشة وفّرتها له إدارة المركز.
وقبل عودته إلى فرنسا، اقتنى بريتون ولام أعمالاً لهيبوليت، بعضها عُرِض ضمن «Le Surréalisme en 1947» الذي نظّمه مع مارسيل دوشامب في غاليري مايغ في باريس عام 1947. لوحة هيبوليت «بابا لاوكو» (1947) تظهر في الصفحة الثانية من كتالوج المعرض الذي ضمّ في معظمه سرياليين مشهورين من الولايات المتحدة وأوروبا. واصفاً التأثير، قال بريت إن المعرض قدّم «نظرة جديدة إلى السريالية، ونظرة جديدة إلى الفن». وأضاف أن هيبوليت كان «حقاً أول سريالي أسود بطريقة حقيقية—وبالتأكيد أول سريالي أفرو-كاريبي».
غالباً ما وُصِفت أعمال فنّانين مثل هيبوليت بتسميات من قبيل «ساذج» أو «بدائي». هذه التسميات، حسب بريت، تقصد أن تقول «حسناً، هنا العالِ فوق، وهنا الأدنى». ربما وُضِعت أعمال هيبوليت في فئة الأدنى في حينه، لكن مع توسّع القانونَنة وتنوّع مقتنيات المتاحف، تغيرت طريقة استقبال أعماله.
«أظنّ أن الفجوة بدأت تضيق الآن»، قال بريت. «كل عام تصبح أصغر قليلاً. واهتمامي أن أكون مدافعاً عن ما يُصنَّف بـ’الأدنى’، لأنني أجد أن ‘الأدنى’ ليس فعلاً أدنى؛ إنه ببساطة موجود على الهامش.»