وفاة المصوّر البريطاني عن عمر يناهز ٧٣ عامًا

توفي المصوّر مارتن بار في السادس من ديسمبر في منزله في بريستول، إنكلترا. أعلنت مؤسسة مارتن بار، التي أسسها في بريستول عام 2017، خبر الوفاة يوم الأحد، من دون أن تحدد سبب الوفاة رسمياً.

شُخّص بار في عام 2021 بمرض مايلوما، نوع من السرطان يصيب نخاع العظام. أفادت صحيفة الغارديان هذا العام بأنه دخل في حالة استجابة للعلاج، لكنه ظل يتناول أقراص العلاج الكيماوي.

وصرّحت المؤسسة بأن “مؤسسة مارتن بار ووكالة ماغنوم فوتوز ستتعاونان للحفاظ على إرث مارتن ومشاركته”. وأضاف البيان أن “مزيداً من التفاصيل ستُعلن في وقت مناسب”.

كان بار واحداً من أشهر المصورين في جيله، عُرف بصوره للمصطافين والسياح التي حملت في آنٍ معاً تأملات فضولية في أسلوب حياتهم وانتقادات لاذعة له. أصدر عدداً لا يحصى من الكتب التصويرية وصوّر لحساب دور أزياء وعلامات تجارية مرموقة مثل فوغ وغوتشي وغيرها.

تميّزت أعماله بصوت بصري خام واهتمام بما يُصنّف ثقافة “السرّ” أو “المنخفضة”؛ فقد بدا عمله في بعض الأحيان مخلصاً لفضول الموضوعات التي يصورها، وفي أحيان أخرى حاملاً نقداً ذكياً لها. هذه الغموض السياسي في فنه هو جزء من قدرته على أن يُقرأ من زوايا متعددة.

من المقرر أن يخصص له متحف جو دو بوم في باريس معرضاً استعادياً يعالج كيفية تصويره لقضايا تغيّر المناخ والإفراط في السياحة، وهو موضوع يتردد في أعمال عديدة لاحقة له. وقد قال بار إن الجمهور الفرنسي كان دائماً أكثر تقبلاً لأعماله من الجمهور البريطاني: “هم يحبون التصوير الفوتوغرافي أكثر، يشترون النسخ، يكتبون عن المعارض”.

ظل أشهر عمل له سلسلة “الملاذ الأخير” (1983–1985) التي صوّر فيها مصطافين على شاطئ نيو برايتون. في إحدى الصور يرقد مصطاف على الرمال خلف جرار متسخ يغطي جزءاً من المشهد البحري؛ وفي صورة أخرى تميل أم حنّاء بعيداً عن رضيعها الباكي، فيبدو الطفل وهو يتلقى ضوء الشمس أكثر منها. تبدو الصورتان كصور لثقافة مأسورة بفكرة الاسترخاء، حيث يظل الناس بعيدين عن بلوغ الهدوء الحقيقي في أوقات فراغهم. عرضت هذه المجموعة في 1986 في صالة سيربانتين بلندن، وظلّت تلك اللحظة نقطة انطلاق شهرة بار.

يقرأ  «التعشيش» و«الملتفة» ناتالي تشيكوريكو تُركّب كولاجات تعكس الطبيعة والحزن — كولوسال

واصل بار موضوعه في سلسلة “عالم صغير” (1987–1994) التي صوّر فيها حشوداً من السياح في مواقع أجنبية، لا يكترث معظمهم بالمشاهد التي أتوا لرؤيتها. من أشهر صور هذه المجموعة صورة أمام برج بيزا حيث يرفع الناس أيديهم متظاهرين بأنهم يدعمون البرج لالتقاط صورة — وفي كثير من الأحيان يلتفتون بظهورهم إلى الكاميرا بدل أن يواجهوا المعلم نفسه الذي يهيمن على الإطار. قال بار للـNew Yorker: “السياحة هي أكبر صناعة في العالم. يهمني التناقض الكبير بين الأسطورة المحيطة بهذه الأماكن والواقع”.

أثارت أعمال مثل “عالم صغير” جدلاً واسعاً عند ظهورها. في مذكراته الصادرة عام 2025، روى أن هنري كارتير-بريسون، ذلك الحداثي الذي أعاد تعريف فرعاً كاملاً من التصوير الفوتوغرافي، وصف أعماله بأنها “خارج هذا العالم — بمعنى سيء”. فأجابه بار: “أقرّ بوجود فجوة كبيرة بين احتفائك بالحياة ونيّتي في نقدها الضمني. وما كان أسأله إياه هو: لماذا تُصوّر رسول الخبر؟”

وُلد مارتن بار عام 1952 في سري، إنكلترا. تعلّق بالتصوير منذ الصغر بفضل جدّه الذي علّمه استخدام الكاميرا، وتوجه إلى مسار الفن بعد رسوبه في مواد أساسية في المدرسة؛ فالمدرسة الوحيدة التي قبلته كانت مانشستر بوليتكنك.

استقرّ لاحقاً في هيبْدن بريدج حيث التقى بسوزان ميتشل التي تزوجها لاحقاً؛ وأنجبا ابنة واحدة، إلن، التي لا تزال على قيد الحياة. بدأ مسيرته بتصوير المصليات والكنائس قبل أن ينتقل مع زوجته إلى أيرلندا حيث عمل أساساً بالأسود والأبيض.

بعد انتقالهما إلى ولاساي، تحوّل إلى التصوير بالألوان، وهو اتجاه كان لا يزال يُنظر إليه على أنه دوني في أوساط التصوير التقليدي، رغم أن مصورين أميركيين مثل ستيفن شور وجويل مايروفيتز وويليام إغلستون برهنوا منذ السبعينيات أنه يمكن استخدام الألوان بصور فنية قوية. بينما كانت لوحة ألوان “الملاذ الأخير” مقيدة نسبياً، جاءت أعمال لاحقة بألوان أكثر حدة زادت من غرابة لقطاته.

يقرأ  صور أيقونية للمكفوفينتُثبت أن الرؤية لا تعني الإدراك

شرع في عالم تصوير الأزياء عام 1999 بدعوة من مجلة إيطالية، فأنتج صوراً لم تُلتقَ في استوديوهات تقليدية بل في супرماركتات ومتاحف وأماكن عامة أخرى. قال لافتتاحية كتابه “فاشن فو بار” (2024): “التحدّي بالنسبة لي هو الخروج إلى العالم الحقيقي، ومحاولة صنع صورة معقولة وذات مظهر شيق — هذا ما فعلته أساساً. لا أظن أن هناك لقطات في الاستوديو هنا؛ كلها في الخارج.”

على مدار مسيرته تنقّل عمله بين مجالات متعددة؛ انضم إلى وكالة ماغنوم في 1994 ثم تقلد منصب رئاستها بين 2013 و2017. كما نُظمت له استردادات في مؤسسات فنية كبرى مثل مركز باربيكان بلندن وهاوس دير كونست في ميونيخ.

ظل نشطاً حتى المراحل الأخيرة من حياته، رغم معركته مع السرطان، وواصل تكريس جهود كبيرة لمؤسسته التي تشغل صالة عرض وتدعم المصورين الناشئين. وقال للغارديان عن مؤسسته: “آمل أن تكون ذات منفعة. لن أقول إنني أنقذ العالم؛ لم أتوقع يوماً أن يغيّر التصوير شيئاً.”

أضف تعليق