أنا عاجز تقريبًا عن مسامحة نفسي.
لم أكن يومًا جيدًا بما يكفي. كان يجب أن أقول ذلك أبكر، أو أن أفعلها بطريقة أخرى—شيء أفضل أو أبسط أو أكثر إبداعًا أو ألطف أو أكثر نفعًا، وهكذا دواليك.
لدى آلان واتس موقف بسيط جدًا من هذا الموضوع: لا تفعل.
آلان واتس عن المسامحة
كلنا نخطئ
كلنا قلنا أشياء نتمنى لو لم نقلها، وفعلنا أفعالًا نتمنى لو استطعنا إلغاؤها. ومع ذلك، إذا نظرت إلى الوراء بصدق، سترى أنه في تلك اللحظة، وبمقدار الفهم والوعي الذي كان لديك، كنت تبذل ما بوسعك.
«إدانة نفسك على الماضي أشبه بتأنيب طفل لأنه لا يعرف حساب التفاضل والتكامل.»
كنت تسير في الحياة بالأدوات المتاحة حينها، وبوضوح—أو بنقص الوضوح—الذي كان لديك في ذلك الوقت. كل خطأ كان جزءًا من المسار الذي أوصلك إلى هنا.
الخطوة الأولى: الشفقة على الذات
تبدأ المسامحة ليس بالإيماءات العظيمة، بل بالاعتراف البسيط: كنت دائمًا تبذل ما بوسعك، حتى عندما بدا أفضل ما لديك أخرقًا أو مشوشًا. أن ترى ذلك يعني أن تلين. وأن تلين يعني أن تبدأ في المسامحة.
المسامحة لن تمحو الماضي ولا تدّعي أنه لم يحدث. إنها ترى الماضي كما كان حقًا—تجربة في أن تكون حيًا. كل اختيار، وكل زلة، وكل كلمة قاسية لم تكن جريمة في حق الوجود، بل خطوة في تعلم المشي.
وضع الحجارة جانبًا
معظمنا يحمل أخطاءه كحجارة في كيس، يجرّها عامًا بعد عام. نعيد تشغيل المشاهد في رؤوسنا، نتمنى لو استطعنا تحرير النص. لكن الماضي قد انتهى. التعلم يفتح الطريق إلى الأمام؛ الإدانة الذاتية وزن ميت.
الشفقة على نفسك هي ترك الحجارة لتسقط ورؤية أنك لم تعد من تعثّر—أنت من تعلم.
هذه هي الخطوة الأولى نحو الحرية.
أن ترى الآخرين من نفس المنظور
ما هو صحيح لنفسك صحيح للآخرن أيضًا. الناس لا يتصرّفون بوضوح تام. هم يتصرّفون انطلاقًا من حدود وعيهم والظروف التي شكلتهم. عندما يتصرّف أحدهم بمرارة، فذلك لأن المرارة قد ترسخت في قلبه—غالبًا من جراح قد لا تراها.
«إدانتهم فورًا يعني نسيان أنهم يعيشون بالفعل داخل عقوبتهم الخاصة.»
رؤية هذا تمكّنك من المسامحة دون تبرير الأذى. قد تختار أن تبتعد—دون أن تحمل الكراهية في قلبك.
الحكم مقابل الفهم
الحكم سريع وسهل. الفهم يتطلب مجهودًا—يتطلب منا أن نتوقف، وأن نتخيّل العالم الداخلي للآخر. هذه هي ذكاء التعاطف: أن ترى نفسك في الآخر والآخر في نفسك. غضبهم، وحيرتهم، وعتمتهم هي انعكاسات لما حملته في أوقات أخرى من حياتك.
«تتوقف المسامحة عن أن تكون واجبًا أخلاقيًا؛ فهي تصبح استجابة طبيعية.»
قطع سلسلة الألم
الألم يتكاثر كعدوى. بدون وعي، ننقل ما أُعطي لنا. المسامحة هي رفض اللعب في هذه اللعبة.
تقول المسامحة: «هذا يتوقف هنا.»
هكذا تستعيد حريتك من تكرار الألم إلى ما لا نهاية. تصبح الفاصل في السلسلة—النقطة التي لا يعود عندها الألم يتضاعف.
المسامحة كتحرر
المسامحة لا تعني دائمًا المصالحة. كثيرًا ما تحدث بصمت، في خصوصية قلبك. قد تسامح شخصًا وتختار مع ذلك ألا تمشي بجانبه مرة أخرى.
«الاستياء يحرق فقط من يحتفظ به.»
التحرر بإطلاق السراح يطلق ليس فقط الشخص الآخر، بل أنت أيضًا. لم تعد مقيدًا بقصته.
التعاطفف كأعلى درجات الذكاء
الدهاء يفوز في الجدل. أما التعاطف فيحوّل القلوب. يسأل: ما الألم الذي ولد هذا الفعل؟ لا أحد يستيقظ ويختار أن يكون قاسيًا؛ يصل إلى هناك عبر شبكة أسباب تمتد أبعد مما يمكنه تتبّعه. رؤية هذا تذيب الحكم وتستبدله بالفهم.
الوحدة والكمال
في أعمق مستوياتها، المسامحة ليست فعلًا أخلاقيًا حتى. إنها إدراك للوحدة—أن من يؤذيك ليس منفصلًا عنك حقًا.
«أن تكرههم يعني أن تكره جزءًا منك.»
في هذه الرؤية، يتدفّق التعاطف طبيعيًا كما يتنفس الإنسان. تحدث المسامحة من تلقاء نفسها لأنك ترى أنه لم يكن هناك شيء منفصل لتسامحه.
دع الحياة تكون
عندما تتوقف عن مطالبة نفسك أو الآخرين بالكمال، تبدأ برؤية جمال رقصة الحياة الأخرق. المسامحة لا تمحو الماضي؛ إنها تطلق قبضة الماضي.
سامح نفسك. سامح العالم. ليس لأن ذلك نبيل، بل لأنه الطريق الوحيد الذي تسمح به الحياة لنفسها بأن تستمر.