استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغانن في البيت الأبيض لأول مرة منذ عام 2019.
في مؤتمر صحفي موجز من المكتب البيضاوي صباح الخميس، قدّم الزعيمان للصحفيين لمحة عن الملفات التي سيناقشانها خلف الأبواب المغلقة، من بينها بيع المعدات العسكرية وقضايا التجارة والنزاعات العالمية.
مدح ترامب أردوغان قائلاً: «إنه رجل محترم للغاية. يحظى بتقدير كبير في بلاده وفي أنحاء أوروبا والعالم حيث يعرفونه. إنه لشرف أن يكون هنا».
مع أن ترامب حافظ على علاقات ودية مع أردوغان خلال ولايته الثانية، فإن الروابط بين البلدين شهدت توتّراً في السنوات الأخيرة، لا سيما بسبب استمرار تركيا في التجارة مع روسيا. ومع ذلك، حرص كلا الزعيمين على إظهار العلاقة بصورة إيجابية خلال اللقاء الذي تلاه غداء مشترك.
قال ترامب أيضاً: «علاقتنا جيدة منذ زمن طويل. هذا رجل قوي، صاحب آراء حادة. عموماً لا أحب الناس الذين يفرضون آرائهم، لكنني دائماً أقدّر هذا الرجل». من جهته أعرب أردوغان عن سروره بعودته إلى البيت الأبيض وأمل في رفع مستوى العلاقات التركية‑الأمريكية إلى «مستوى مختلف تماماً».
قضايا رئيسية تناولها المؤتمر
قرب التوصل إلى اتفاق حول غزة
عقد اللقاء في المكتب البيضاوي بعد أيام من كلمة كل من أردوغان وترامب في الدورة العامة للأمم المتحدة، حيث طالب عدد من الزعماء بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. التقى ترامب أيضاً قادة عرباً ومسلمين على هامش الجمعية العامة، ويُفهم أن مسؤولي إدارته عرضوا اقتراحاً لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، لقي ما لا يقل عن 65,502 فلسطينياً مصرعهم وأصيب 167,376 آخرون. واتهمت لجنة أممية مستقلة إسرائيل هذا الشهر بارتكاب جريمة إبادة جماعية في القطاع.
عند سؤاله عن مفاوضات هذا الأسبوع، كرر ترامب أنه عقد «اجتماعاً رائعاً جداً مع ممثلي أقوى دول الشرق الأوسط» وأضاف أن الولايات المتحدة «قريبة من اتفاق» لإنهاء الحرب. وقال: «أعتقد أننا نستطيع إنجاز ذلك، آمل أن ننجزه. العديد من الأشخاص يموتون، لكننا نريد إعادة الرهائن».
شدد ترامب على أن إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة — الأحياء منهم وجثث القتلى — شرط ضروري لتحقيق وقف إطلاق النار، وأن الخطوة التالية ستكون التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأكيد على رغبة جميع الأطراف في إنهاء الحرب. وأضاف أردوغان: «أؤمن بجهود السلام التي يقودها السيد ترامب».
شارك في المباحثات ممثلون عن قطر ومصر وإندونيسيا والأردن وباكستان والسعودية والإمارات.
ترامب يحث بوتين على «التوقف» في أوكرانيا
تعهد ترامب مراراً بإنهاء غزو روسيا لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير 2022 وتحوّل إلى حرب استنزافية. وفي ملاحظات مقتضبة الخميس، لام ترامب أردوغان على استمرار التجارة التركية مع روسيا قائلاً إنه يود أن يتوقف عن شراء النفط الروسي «طالما تستمر روسيا في هذا العدوان ضد أوكرانيا».
وفي وقت سابق هذا الأسبوع أثار ترامب عناوين الصحف حين كتب على وسائل التواصل الاجتماعي أنه يعتقد أن أوكرانيا تستطيع استعادة كامل الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ بدء الغزو، وهو تراجع مفاجئ عن موقف إدارة سابقة يرى أن السلام قد يتطلب تنازلات إقليمية.
وانتقد ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستمرار الحرب واصفاً إياها بأنها «هدر هائل للأرواح» وأضاف: «أنفقت روسيا ملايين وملايين الدولارات على قنابل وصواريخ وذخائر وحياة — وحياتهم. ولم تكسب تقريباً أي أرض. أعتقد أنه حان وقت التوقف».
صفقات تجارية وعقوبات
من أهم الموضوعات المتوقعة كان احتمال أن تستأنف الولايات المتحدة بيع طائرات عسكرية إلى تركيا. في 2019، خلال الولاية الأولى لترامب، أُبعدت تركيا عن برنامج شراء مقاتلات F‑35 بسبب مخاوف من استخدام تكنولوجيا روسية قد تؤدي إلى جمع بيانات عسكرية أمريكية.
لكن ترامب ألمح الخميس إلى أنه قد يرفع العقوبات التي تمنع بيع هذه الطائرات إذا سارت مباحثاته مع أردوغان بشكل جيد. قال عن أردوغان: «أعلم أنه يريد الـ F‑35، وقد أراد ذلك منذ زمن، ونحن نبحث هذا الأمر بجدية».
كما نوقش نقل طائرات F‑16، بعد أن وافقت واشنطن على بيعها لتركيا في يناير 2024 عقب تصديق البرلمان التركي على انضمام السويد إلى الناتو. وعندما سئل عما إذا كان مستعداً لإبرام صفقة لبيع F‑35 كذلك، قال ترامب: «أعتقد أنه سينجح في شراء ما يريد». وأضاف أنه قد يرفع العقوبات على الصناعات الدفاعية التركية «قريباً جداً» إذا جرت محادثات جيدة.
إعلان كبير عن سوريا
أشاد ترامب أيضاً بجهود الحكومة التركية في سوريا ومهد لإعلان «كبير» سيصدر لاحقاً عن الملف السوري دون أن يفصل في محتواه. تعرّضت سوريا لحرب أهلية استمرت نحو أربعة عشر عاماً حتى ديسمبر الماضي، حين أطاح هجوم من المعارضة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد، ومنذ ذلك الحين بدأت إدارة ترامب في رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا والتي كانت تُبرَّر بمخاوف حقوقية.
نسب ترامب الفضل إلى أردوغان في التمهيد لتخفيف العقوبات وفي دور له في الإطاحة بنظام الأسد قائلاً: «أعتقد أن الرئيس أردوغان هو المسؤول عن سوريا، عن النصر في محاربة الماضي هناك. أعتقد أن هذا الرجل مسؤول. هو لا يتحمل المسؤولية علناً، لكن هذا إنجاز كبير». وأضاف: «أزلت العقوبات لأسمح لهم بالتنفّس، لأن تلك العقوبات كانت شديدة».
وصفت مراسلة الجزيرة كيمبرلي هالكيت اجتماع الخميس بأنه «يتعلق أساساً بالمظهر لأجل الزعيم التركي»، مشيرة إلى أن أردوغان ظل معزولاً عن واشنطن خلال السنوات الأربع الماضية والآن يستعرض بعض مكاسب سياسية.