وكالة أممية تحذر من بقاء مدينة الفاشر في شمال دارفور مقطوعة عن المساعدات والحماية مع استمرار المعارك
نُشر في 27 أغسطس 2025
حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن مدينة الفاشر تحولت إلى “بؤرة وطنية لمعاناة الأطفال”، حيث خلّفت المجاعة والنزوح الواسع والعنف المستمر ثمنًا كارثيًا بعد ما يقرب من 17 شهرًا من الحصار.
أجبرت المواجهات المستمرة بين قوات الدعم السريع والجيش عشرات الآلاف على الفرار: أكثر من 600,000 شخص—نحو نصفهم الاطفال—غادروا الفاشر والمخيمات المحيطة خلال الأشهر الأخيرة، وفق بيان المنظمة. وتستمر قوات الدعم السريع في خوضة قتال مباشر مع القوات الحكومية منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023.
ما يقرب من 260,000 مدني، بينهم نحو 130,000 طفل، ما زالوا محاصَرِين داخل مدينة الفاشر، مقطوعة عن المساعدات لأكثر من 16 شهرًا، بحسب تقديرات اليونيسيف. وقالت المديرة التنفيذية اليزابيث كاثرين راسل إن “الأطفال في الفاشر يواجهون مأساة مدمرة—هم يتضورون جوعًا في حين تُحجب خدمات التغذية المنقذة للحياة.”
منذ بدء الحصار في أبريل 2024، وثّقت المنظمة أكثر من 1,100 حالة انتهاك جسيم، شملت قتلًا وتشويهًا لأكثر من 1,000 طفل. وتعرّض العشرات للعنف الجنسي، كما اختُطف آخرون أو جُندوا من قبل فصائل مسلحة، والرقم الحقيقي يُرجح أن يكون أعلى بكثير.
خلال هذا الأسبوع وردت تقارير عن حادثة كتبت لها خسائر جماعية جديدة؛ ففي اعتداء على مخيم أبو شُوك للنازحين قرب المدينة قُتل سبعة أطفال، حسب التقارير الميدانية.
أثر الحصار على خطوط الإمداد بشكل حاسم فأضعف قدرة المرافق الصحية على تقديم خدماتها. وتقدّر اليونيسيف أن نحو 6,000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد جدًّا حُرموا من العلاج بعدما اضطرت فرق التغذية المتنقلة إلى وقف عملها نتيجة نفاد الإمدادات. ومنذ يناير توصّل أكثر من 10,000 طفل إلى علاج من سوء التغذية الحاد، لكن هذه الخدمات مُعلقة الآن؛ وفي الأسبوع الماضي وحده توفي 63 شخصًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، لأسباب متصلة بالجوع، حسب المنظمة.
وتفاقمت الأزمة بتفشٍ واسع لمرض الكوليرا—الأسوأ منذ عقود في السودان—مع نحو 100,000 حالة مشتبه بها وحوالي 2,400 وفاة على مستوى البلاد منذ العام الماضي. وفي دارفور لوحدها سُجّلت قرابة 5,000 حالة و98 وفاة، بحسب اليونيسيف.
بدأت الحرب في السودان في أبريل 2023 بعد انهيار اتفاق هش لتقاسم السلطة. اندلعت أعمال العنف بفعل توترات طويلة الأمد بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وامتدت سريعًا من الخرطوم إلى مناطق أخرى من البلاد، لا سيما دارفور التي تُعد معقلًا لقوات الدعم السريع.
تُظهر التقديرات أن نحو 40,000 شخص قُتلوا، ونزح ما يقرب من 13 مليون شخص داخليًا، بينما يرزح نحو 25 مليون شخص تحت وطأة جوع حاد.
ودعت اليونيسيف الأطراف المتحاربة في السودان إلى وقف القتال فورًا والسماح بدخول إنساني فوري وآمن ومستمر إلى الفاشر والمناطق الأخرى المتضررة. وأكدت راسل قائلة: “يجب حماية الأطفال في كل الأوقات؛ ولهم حق الوصول إلى المساعدات التي تنقذ حياتهم.”