نظرة عامة:
بناء قنوات تواصل إيجابية منذ الأيام الأولى وبشكل مستمر مع الأسر يعزّز الثقة، يقوّي الشراكة بين المنزل والمدرسة، ويسهّل إجراء محادثات صعبة طوال العام الدراسي.
الثقة في التواصل
يخيم في ذهن كل معلم أو معلمة احتمال أن يضطرّوا لإرسال رسالة أو إجراء مكالمة صعبة مع أولياء الأمور. سواء كنت في سنتك الأولى أو متمرسًا في المهنة، فذلك الشعور مألوف. مع تقدمي المهني كمربٍّ، أدركت أن بناء شراكات حقيقية مع الاسرة لا يقل أهمية عن بناء علاقة إيجابية مع الطالب نفسه. كما تشير غراهام-كلاي (2024): «التواصل مع أولياء الأمور أمر في غاية الأهمية ويجب أن يكون إيجابيًا، دعوياً، ومبنيًا على العلاقة والثقة ورؤية مشتركة للطفل». من خبرتي، من المفيد تخصيص وقت إضافي لضمان أن تكون أول رسالة بيني وبين الأسر رسالة إيجابية.
لقاءات البداية
مع بداية العام الدراسي، تعقد كثير من المدارس أمسيات «تعرف على المعلم» أو شكل من أشكال «اليوم المفتوح». هذه فرصة ممتازة للقاء وجهًا لوجه وتأسيس علاقة ترتكز على مصلحة المتعلم. ومع ذلك، بعض المدارس تؤجل مثل هذه الفعاليات حتى مرور شهر من بداية العام، ما يترك مجالًا لحدوث أمور إيجابية وسلبية تستلزم التواصل مع البيت. وكما هو الحال مع أي بداية جديدة، يحتاج أولياء الأمور وقتًا للتكيّف؛ علينا أن نتذكّر أنهم يودّعون أطفالهم لنا لمدّة مئة وثمانين يومًا من السنة. يمكننا أن نرسخ نبرة إيجابية منذ الأيام الأولى؛ فما هي بعض الوسائل العملية لتحقيق ذلك؟
مكالمة هاتفية
قد تتطلّب بضع دقائق إضافية من وقتنا الثمين، لكن جرّب تخصيص عشر دقائق إضافية يوميًا خلال الأسابيع الأولى. أعد قائمة بأربعة أو خمسة أسر تتواصل معها بمكالمة إيجابية — تعرف فيها بنفسك وتُعرّف عن رغبتك في التعاون معهم لضمان عام ناجح لطفلهم في صفك. قبل المكالمة، دوّن نقطة إيجابية واحدة عن الطفل لتشاركها أثناء الحديث.
رسالة مكتوبة
قد يبدو الأمر تقليديًا، لكنه فعّال ويمكن إرساله أيضًا عبر الايميل أو نشره في النشرة الصفية. صِف الرسالة كدعوة للأسر لمشاركتك أي معلومات يرونها مفيدة عن طفلهم. قد يفتح هذا الباب لتلقي ردود طويلة، وربما يحدث ذلك، لكن الإجراء يبعث رسالة واضحة بأنك تقدر رؤيتهم وتعتبرهم المعلمين الأولين لأبنائهم. استخدمت هذا الأسلوب لسنوات، مستبيحًا إياه كواجب اختياري للأسر للرد في وقت يناسبهم، وكانت الاستجابة إيجابية وممتنة، كما منحني ذلك لمحات مهمة عن مجموعتي الطلابية. لإيجاد نموذج مقترح، ابحث سريعًا عن «One Million Words or Less» لأنشطة بداية السنة للأهالي — الفكرة ابتكرتها ديب بوفا ونشرتها على موقع MiddleWeb عام 2003.
منصات رقمية
إلى جانب الرسائل التقليدية، فكر في استخدام منصات مثل Remind أو ClassDojo أو Seesaw؛ فهذه التطبيقات توفر وسيلة أقل رسمية وأكثر سهولة للتواصل مع أسر قد لا تتحقّق من بريدها الإلكتروني بانتظام. في بداية العام، من المفيد أن تسأل الأسر عن طريقة التواصل المفضّلة لديهم — خطوة بسيطة قد تعزز روابط موثوقة.
حساسية ثقافية ولغوية
ضع في اعتبارك الخلفيات الثقافية واللغوية لطلابك وأسرهم؛ قد لا يكون بعض الأهل على دراية بعادات التواصل المدرسي أو قد يواجهون حواجز لغوية. الاستعانة بأدوات مثل Google Translate أو تطبيقات الترجمة أو طلب دعم من إدارة المنطقة يضمن أن تصل رسالتك وتُفهم. إظهار الحساسية الثقافية يعزّز الانتماء، وكما توضح غاي (2010)، فإن التواصل المتوافق ثقافيًا يعمّق الاحترام ويزيد من مشاركة الأسر في الحياة المدرسية.
الاستمرارية وأثرها
مع مرور العام، تساعد الرسائل الإيجابية المتتابعة أو الملاحظات المكتوبة في بناء علاقة متينة. صحيح أن مهمة المعلّم تعليم الطلبة، ولكنّ كثيرًا من الأهالي يريدون أن يعرفوا أن المعلّم يحبّ طفلهم. من الواقعي أن نختار هذه المهنة لأننا نهتم بتقدّم الأطفال أكاديميًا وبعلاقاتهم وسلامتهم النفسية. في إحدى مؤتمرات أولياء الأمور المبكرة في مسيرتي، أخبرني أحد الأهل أن طفله ظنّ أنني لا أحبه؛ عندها أدركت أن غياب التواصل المنتظم أثر على نظرتهم لمشاعري تجاه الطفل. لكلّنا مجالات نتحسّن فيها، وكان ذلك دافعًا لأن أكون أفضل، حتى لو تطلّب الأمر إجراء محادثات صعبة. في نهاية المطاف، يحتاج الأهالي لأن يكونوا على علم بما يجري داخل الصف، سواء كان أمورًا أكاديمية أم اجتماعية-عاطفية، إيجابية أو سلبية.
روتين عملي
ولأن الانضباط في الممارسة مفتاح، فكر بوضع روتين لإرسال تواصل إيجابي؛ احتفظ بقائمة بسيطة أو سجل للتأكّد من التواصل مع جميع الأسر على مدار العام. «التنويهات» الأسبوعية أو الشهرية عبر البريد الإلكتروني، النشرة، أو موقع الصف يمكن أن تشكّل روتينًا ثابتًا ومنخفض الجهد يعزّز الصلة بين البيت والمدرسة.
لماذا المكالمة الأولى مهمة؟
لماذا نبذل مجهودًا لإجراء مكالمة تمهيدية أو إرسال رسالة سريعة؟ لأن احتمالات ظهور مسألة أكاديمية أو سلوكية في مرحلة ما من العام عالية، والتواصل الإيجابي المسبق يسهل إدارة أي مشكلة لاحقة ويبني أساسًا من الثقة المتبادلة. ستضطر بالتاكيد إلى القيام بحصتك من الرسائل أو المكالمات غير السارة. يُصبح الأمر أقل رهبة إذا بَدَأت بتأسيس علاقة إيجابية مع الأسرة، ووضّحت لهم أن مصلحة الطفل تحتل الأولوية في تفكيرك. كما يشير إبستين (2011)، يبني التواصل الفعّال بين البيت والمدرسة ثقة متبادلة. ومن الضروري ألا تقتصر المراسلات على نشر نشرات أسبوعية، بل ينبغي تمكين تواصل ثنائي الاتجاه.
نصيحة إضافية عملية: نادرًا ما ألجأ إلى الاتصال المفاجئ بالأهالي. غالبًا يصعُب تحديد الأوقات الملائمة للمكالمات الهاتفية، لذلك أجد أن ارسال رسالة قصيرة تُوضح سبب التواصل مفيدة؛ فهي تتيح ترتيب موعد مُشترك وتُعطي ولي الأمر فكرة مسبقة عن غرض المكالمة.
من الطبيعي أن تشعر بالقلق قبل المكالمة الأولى أو قبل إرسال رسالة، لا سيما إن كنت معلّمًا جديدًا. ومع تكرار التجربة تتلاشى هذه المخاوف، ويسهُل الأمر أكثر عندما تحتفظ ببعض جمل البداية الجاهزة. ابدأ بشيء إيجابي مثل: «أردت أن أشارككم أمرًا إيجابيًا لاحظته بشأن [اسم الطالب]»، ثم تعرض أي ملاحظات أو مخاوف بوضوح وبنبرة بناءة. اختم دائمًا بملاحظة تقدير لشراكة ولي الأمر أو دعمه في المسار التعليمي والاجتماعي-الانفعالي للطفل؛ ذلك يخلق جواً صريحًا ومهذبًا للمحادثة.
أهم النقاط:
– تواصل مبكرًا وباستمرار — لا تنتظر حدوث المشكلة فقط.
– احرص أن تكون الرسائل إيجابية وبناءة وشاملة.
– استخدم قنوات متعددة (هاتف، بريد إلكتروني، تطبيقات، لقاءات وجهًا لوجه) للوصول إلى كل الأسر.
– شجّع على حوار ثنائي بدلاً من تواصل أحادي الجانب.
– كن حساسًا ثقافيًا في النبرة واللغة والمحتوى.