فرنسا، لوكسمبورغ، مالطا، موناكو، أندورا وبلجيكا اعترفت رسمياً بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة. انضمت هذه الدول إلى كندا، استراليا، البرتغال والمملكة المتحدة التي أعلنت اعترافها يوم الأحد، في وقت تستمر فيه إسرائيل بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وتصعيد ما وصفته تقارير واسعة بأنه إبادة جماعية في غزة.
قرار المملكة المتحدة الاعتراف بفلسطين يأتي بعد أكثر من مئة عام على تصريح بلفور الذي أيد “إقامة وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، وبعد 77 عاماً على قيام دولة إسرائيل في الانتداب البريطاني على فلسطين. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في تسجيل مصوّر يوم الأحد: «نحن نتحرك للحفاظ على إحتمال السلام وحل الدولتين في ظل الرعب المتصاعد في الشرق الأوسط».
إعلانات هذه الدول الغربية الكبرى — التي كانت تُعتبر حليفة وثيقة لإسرائيل — تبرز عزلة إسرائيل الدولية المتزايدة في ظل حرب على غزة أودت بحياة أكثر من 65 ألف فلسطيني.
أيّ الدول تعترف الآن بفلسطين؟
في الوقت الحالي، تعترف 157 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، ما يمثل نحو 81% من المجتمع الدولي. كما أن الكرسي الرسولي، بصفته جهة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، يعترف بدولة فلسطين أيضاً.
ماذا يعني الاعتراف؟
الاعتراف بدولة فلسطين يعزّز مكانتها الدولية، ويقوي قدرتها على تحميل السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن سياسات الاحتلال، ويزيد الضغوط على القوى الغربية للعمل نحو حل الدولتين. وبشكل عملي، يمكن للاعتراف أن يتيح للفلسطينيين:
– فتح سفارات تتمتع بكامل الصفة الدبلوماسية
– إبرام اتفاقيات تجارية
– الحصول على دعم أوسع في المنتديات الدولية
– اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية
ما لا يعنيه الاعتراف:
– إنهاء الحرب في غزة فوراً
– إنهاء الإحتلال العسكري الإسرائيلي القاسي
على الرغم من أن للاعتراف أثر محدود وآني على سياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة، فإنه يعكس موجة متزايدة من الدعم الدولي لطموح الدولة الفلسطينية.
التداعيات والدعوات
قال مارتن غريفيثس، مدير Mediation Group International، لقناة الجزيرة إن الاعتراف بفلسطين هو خطوة أولى فقط: «هذا مدخل وليس نقطة الوصول»، وحث دولاً مثل المملكة المتحدة على الوفاء بالتزاماتها أمام محكمة العدل الدولية من خلال تسهيل المساعدات الإنسانية، ووقف مبيعات الأسلحة، وتخفيف الحصار. وأضاف أن على الحكومات دعم إصلاحات تجعل السلطة الفلسطينية «قادرة على الأداء»، مشيراً إلى جهود فرَنسيَّة وسعودية ونرويجية وإسبانية. «يجلب ذلك أملاً… لكنه لا يضمن مستقبلاً بعد»، على حد قوله.
حتى الآن، ومع مشاركة المكسيك، شهد عام 2025 أحد عشر اعترافاً جديداً ورفع العدد الإجمالي للاعترافات منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023 إلى عشرين اعترافاً، ما يعكس تزايد الاعتراف الدولي بفلسطين.
ردود إسرائيل
وصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قمة الأمم المتحدة حول قيام دولة فلسطينية بأنها «عرض بهلواني» وقال إن خطوة الاعتراف تكافئ الإرهاب. وكرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفس الرسالة معتبراً أن الاعتراف «جائزة» لحركة حماس ومشدداً: «لن تقوم دولة فلسطينية».
نبذة تاريخية موجزة
في 15 نوفمبر 1988، خلال الانتفاضة الأولى، أعلن ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، قيام دولة فلسطين المستقلة وحدد القدس عاصمة لها. وسرعان ما اعترفت أكثر من ثمانين دولة، معظمها من دول الجنوب العالمي في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي؛ بينما جاءت أغلب الاعترافات الأوروبية آنذاك من دول كانت ضمن الكتلة السوفيتية السابقة.
في 13 سبتمبر 1993، مثلت اتفاقيات أوسلو أول تفاوض مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتخيلت دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، لكن ذلك لم يتحقق في الميدان. وفي 2012، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة (138 مؤيداً، 9 معارضين، و41 ممتنعاً) لرفع مكانة فلسطين إلى «دولة مراقب غير عضو»، ما أتاح لها حضور الاجتماعات والمشاركة في النقاشات لكن من دون حق التصويت في الجمعية العامة.
ولدى مجلس الأمن خمسة أعضاء دائمين — الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة — يمتلكون حق النقض (الفيتو)، وهو امتياز اكتسبوه في 1945 كلحظاء رئيسيين في الحرب العالمية الثانية، ما يتيح لأي منهم إسقاط أي قرار حتى لو حظي بدعم دولي واسع. وفي 18 أبريل 2024، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار كان سيمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ما أعاق الترقية على رغم التفاف دعم دولي واسع. ولدى الولايات المتحدة سجل طويل من استخدام الفيتو ضد قرارات تنتقد إسرائيل، إذ استخدمت الفيتو عشرات المرات منذ انضمامها إلى المنظمة، مما أعاق تبنّي تدابير تتناول التحركات العسكرية الإسرائيلية أو المستوطنات أو الاحتلال.