ناجون من حكم الإرهاب الذي مارسته حركة مقاومة الربّ في أوغندا رحّبوا بتأكيد المحكمة الجنائية الدولية لِـتَهم موجهة إلى زعيم الجماعة جوزيف كوني، بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
أُصدر أمر توقيف بحقه عام 2005، لكنه لا يزال طليقاً، ويُعتقد أنه يختبئ في جمهورية افريقيا الوسطى. يوم الخميس أعلنت المحكمة توجيه 39 تهمة إليه تتضمن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منها القتل والاغتصاب وتجنيد الأطفال والعبودية الجنسية والإكراه على الحمل.
امرأة اختطفها الـLRA وهي طفلة وأُجبرت لاحقاً أن تكون إحدى زوجاته عبرت عن أملها بأن يعيد هذا القرار زخم الجهود الرامية لإلقاء القبض عليه. وقالت إيفلين أمون، 42 عاماً، للبي بي سي: «لا أستطيع أن أكون سعيدة مثل النساء اللواتي ذهبن إلى المدرسة. أحتاج إلى عدالة للنساء اللاتي تعرّضن للاختطاف مثلي». وأضافت أنها قضت أحد عشر عاماً في الأدغال بعد أن اختُطفت وهي في الحادية عشرة من عمرها، حتى كادت تنسى اسمها الحقيقي إذ أطلق عليها المتمردون اسم “بيتي أتشول”.
أمَّنَت أمون أن الناجين أمثالها يرغبون في محاكمته ليحصلوا على تعويضات من المحكمة، فيما لا يمكن لمحاكمة كوني لدى المحكمة الجنائية الدولية أن تبدأ ما لم يُعتقل ويُمثَل أمام المحكمة في لاهاي.
تأسست حركة مقاومة الرب في أواخر ثمانينات القرن الماضي في شمال أوغندا، معلنةً هدفها إقامة حكومة على أسس الوصايا العشر. اشتهرت الجماعة بوحشية بالغة، شملت بتر أطراف الضحايا وتشويه وجوههم وأخذ نساء كعبيد جنس، ولاحقاً أُخرجت من البلاد عام 2005 فانتقلت إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ونشطت أيضاً في جنوب السودان وجمهورية افريقيا الوسطى، حيث ارتبطت بعمليات صيد غير مشروع وتنقيب غير قانوني.
زاد الاهتمام الدولي بشخص كوني عام 2012 عبر حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لفضح فظائع الـLRA، وفي العام التالي عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله. ورغم سنوات المطاردة والعمليات المشتركة، انتهت رسمياً عمليات الجيش الأميركي والجيش الأوغندي لتعقبه عام 2017، فلا يزال هارباً.
من بين الضحايا الواعدين بالضغط لإحضاره باتريك أوشيِنغ (28 عاماً)، الذي وُلد أثناء احتجازه في معسكرات الـLRA بعد اغتصاب والدته. قال للبي بي سي: «لا بد أن يُعتقل أولاً. الضحايا الذين عانوا لا يستطيعون الانتظار — بعضهم يموت الآن». أضاف أنه نشأ في ثكنات المتمردين بعمق الغابة وكان واحداً من آلاف الأطفال الذين أُجبروا على أن يكونوا مقاتلين أطفالاً؛ وقُتلت والدته عندما كان في الخامسة من عمره.
حكى باتريك كيف حاولت والدته الهروب معه ومع توأمته، لكنه قال إن سياسة المتمردين كانت صارمة: «إن حاولت الهروب وأُلقيَ القبض عليك، فهم سينهون أمرك، سيقتلونك»، وصوّر الموقف بما فيه من خوف ووجع.
خلال قرابة عقدين من النزاع في شمال أوغندا قُتل أكثر من مئة ألف شخص، وخُطف بين 60 و100 ألف طفل، ونزح حوالي 2.5 مليون إنسان، كثيرون منهم انتقلوا إلى مخيمات لحمايتهم. من بين تلك المآسي، هجوم على مخيم في قرية لوكودي بالقرب من مدينة جولُو عام 2004 أسفر عن مقتل أكثر من سبعين شخصاً من نساء وأطفال.
يتذكر محمد أولانيا، الذي كان آنذاك في السابعة عشرة، تلك الليلة بوضوح: «سمعنا أصواتاً غريبة تشبه دقات الطبل تلاها صافرات — كانت تلك رصاصات». هرع للجري حتى وصل إلى السوق منهكاً، ثم جلس عند جانب الطريق قبل أن يُنقذه ضابط من الجيش الأوغندي، فكان حظه أن لم يُختطف.
لكن الحرب دمرت حياته؛ فقد فقد أقارباً ولم ينل تعليماً نظامياً. حاولت الحكومة الأوغندية في أوقات سابقة التوصل إلى اتفاق سلام مع كوني، لكن المفاوضات انهارت عام 2008 عندما طالب زعيم الحركة بضمانات بعدم محاكمته ومحاكمة شركائه.
يأمل الناجون أن يعني قرار المحكمة الجنائية الدولية المضي قدماً في إجراءات تأكيد التهم بحضوره من دونه أن يُحاسب كوني في يوم من الأيام ويُنال الضحايا حقهم في العدالة.