«إرضاء نرجسي» — أوكرانيا تتأمل قمة ترامب وبوتين أخبار حرب روسيا وأوكرانيا

كييف، أوكرانيا — بدت قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كدرسٍ عملي في كيفية توظيف ضابط استخبارات سابق لمهاراته في التلاعب بصاحب نزعة نرجسية متمركزة حول ذاته. انّه استعراضٌ دقيق للاستخدام المحسوب للتملق والإطراء لضمان مكاسب سياسية ونفسية.

هكذا لخص محلل سياسي مقيم في كييف، يتابع الحرب مع روسيا عن كثب وطلب عدم الكشف عن هويته، انطباعه بعد متابعة التفاعل بين ترامب وبوتين خلال القمة التي انعقدت يوم الجمعة والتي لم تُسفر عن أي تقدم يُذكر لوقف أشهر حرب في أوروبا منذ 1945.

قال المحلل إن بوتين «عمل على ترامب بطريقة محكمة»، في إشارة إلى سنوات عمل بوتين كجاسوس سوفييتي في ألمانيا الشرقية وجمعه للمخبرين، وهو ما مكنه من قراءة نقاط الضعف واستغلالها بمهارة.

على مدرج قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون، التي تعود إلى فترة الحرب الباردة قرب أنكوراج، استقبَل بوتين ترامب بتحيةٍ قوامها «صباح الخير يا جارنا العزيز»، في إشارةٍ إلى قرب ألاسكا من أقصى شمال شرق روسيا.

ترامب بدوره مهد الطريق ببساطٍ أحمر لبوتين، صافحه طويلاً، واصطحبه في السيارة الرئاسية «الوحش»، حيث بدا بوتين مبتسماً من المقعد الخلفي.

في المؤتمر الصحفي القصير، كرر بوتين شكرَه لترامب مراراً وراجع بعبارات مختلفة ما قاله الرئيس الأميركي عن المحادثات وأوكرانيا واحتمالات تسوية سلمية، مسلطاً بذلك ضوءاً على التوافق الظاهر الذي خدم هدفه في إظهار دعمٍ متكرر لما قاله الطرف الآخر.

لم يتوانَ بوتين عن تدليل ترامب، حتى بالتصديق على ادعاءاته — مثل تأكيد ترامب أنه لو فاز في انتخابات 2020 لكان قد منع الحرب بين روسيا وأوكرانيا — فقال بوتين مبتسماً بعد المحادثات: «اليوم قال الرئيس ترامب لو كنت أنا في موقع الرئاسة آنذاك لما كانت هناك حرب، وأنا متأكد إلى حد كبير من أن هذا كان سيحدث فعلاً. أستطيع أن أؤكد ذلك».

يقرأ  هل ترغب في أن يركض الطلاب ميلاً؟الرئيس ترامب يعيد إحياء اختبار اللياقة الرئاسي

كان التملق المتقن لبوتين، المتخفّي على هيئة مديحٍ حلو، هو ما أوصل النقاش إلى خاتمة تحمل عبارة ترامب المتكررة: «لا صفقة حتى تكون هناك صفقة»، حسب قول المحلل كوشيرينكو.

«هو يطعم النرجسي بما يريد أن يُطعم به النرجسي كي يستخدِمَه في التلاعب — اقتباسات بلا نهاية، تكرار مستمر لـ‘ما قاله الرئيس الأميركي‘، وإشارات متواصلة إلى المواضيع التي يهمّ ترامب»، قال المحلل الذي أصدر تقارير تحليلية عن القوات الروسية وتحدّث أمام الكونغرس الأميركي في جلسة حول الحرب.

«لا شيء ملموس»

استغرق حديث بوتين في المؤتمر الصحفي بعد المحادثات نحو ثماني دقائق، وضم محاضرة عن زمن امتلاك روسيا القيصرية لألاسكا وكيف تعاونت جيوش الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية.

تحدث بوتين أكثر من ضعف ما تحدث به ترامب، الذي اكتفى بثلاث دقائق اعترف فيها أن المحادثات أسفرت عن اتفاق لمواصلة المحادثات لاحقاً.

قال الرئيس الأميركي: «كان هناك كثير من النقاط التي اتفقنا عليها، معظمها — أود القول — ثمّة نقطتان أساسيتان لم نصل إليهما تماماً، لكننا أحرزنا بعض التقدّم. فليس هناك صفقة حتى تكون هناك صفقة».

رفض الاثنان كذلك الإجابة عن الأسئلة الصحفية.

وبالتالي انتهت القمة بـ«لا شيء ملموس»، بحسب كوشيرينكو، في ظل موقف بوتين القائل إنّ «الجذور الأساسية» للصراع يجب معالجتها قبل أي وقف لإطلاق النار أو خطوات فعلية نحو تسوية سلمية.

قال بوتين: «لكي تكون التسوية المستقبلية دائمة وطويلة الأمد، يجب أن نقضي على كل الجذور الأولية، الأسباب الأساسية لذلك النزاع، وقد كررنا ذلك مراراً، وأن نأخذ بعين الاعتبار كل المخاوف المشروعة لروسيا».

مصطلح «الجذور الأساسية» هو رمز لدى بوتين لرفض وجود أوكرانيا خارج ظل السلطة السياسية لموسكو ونفي سيادتها بحقيقة الأمر.

يقرأ  حاكم كاليفورنيا يكثف جهود إعادة رسم الدوائر في ظل تصاعد الخلاف مع دونالد ترامب

المنحى الصيني

مع ذلك، لم تكن المحادثات انتصاراً كلياً لبوتين، كما لاحظ مراقب أوكراني آخر.

دامت الجلسات أقل من ثلاث ساعات بدلاً من السبع التي أعلنت عنها المسؤوليات الروسية، ولم يُعقد غداء مشترك رمزي كما كان متوقعاً.

والما دار خلف الأبواب المغلقة تجاوز، بحسب التقديرات، موضوع الحرب وحده.

«تتعامل روسيا عبر الاقتصاد والجغرافيا السياسية، تعرض على ترامب أرباحاً فورية هنا والآن، وتساوم أيضاً حول مسألة احتواء الصين»، قال المحلل في كييف إيغار تيشكيفيتش لقناة الجزيرة.

«بناءً على ذلك، يحاول الكرملين الحصول على تنازلات سياسية قد تساعد روسيا في تأكيد طموحاتها لتبوؤ مكانة مركز جيوسياسي»، أضاف.

«وأوكرانيا ما هي إلا جزء مشتق — مهم لكنه مشتق — من هذه العمليات»، قال.

وبما أن البيت الأبيض يريد منع اندماج مصالح موسكو وبكين، يجد ترامب منفعة في التفاوض على مشاريع تجارية وتبادلات سياسية مع موسكو، بحسب تيشكيفيتش.

«بناءً عليه، لا تريد الولايات المتحدة هزيمة كلية لروسيا ولا أزمة عميقة لها. للأسف بالنسبة إلينا»، قال المحلل.

مع ذلك، لن توافق واشنطن وبكين على منح موسكو دوراً جيوسياسياً مرفوعاً إلى درجة قوة عالمية ثالثة، لذا ففهم البيت الأبيض لطموحات بوتين يبقى جزئياً.

ما التالي؟

بالنسبة إلى أوكرانيا، يعني ذلك مزيداً من الأعمال العدائية وهجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية، بينما ستعمد موسكو إلى زيادة التعبئة للرجال في سن القتال، وفق التوقعات.

أحد كبار المحللين العسكريين الأوكرانيين، بالمقابل، بدا متشائماً إزاء نتائج القمة. The يرجى تزويدي بالنص المراد ترجمته وإعادة صياغته لأتمكن من المتابعة.

أضف تعليق