رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أن حماس ارتكبت «انتهاكًا واضحًا» لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد تسليمها رفاتًا تعود لأسير كان قد تم العثور على جثته سابقًا.
إعلانه يوم الثلاثاء زعزع اتفاق وقف النار الهش وأثار مخاوف بشأن رد إسرائيلي محتمل وتصعيد قد يعقِّد التهدئة. وقال إنه سيعقد مساءً اجتماعًا طارئًا مع كبار المسؤولين الأمنيين لبحث «الخطوات الإسرائيلية التالية»، وقصر حضوره جلسة قصيرة في محاكمته المستمرةر بتهم الفساد.
شهدت رفح جنوبي قطاع غزة تطورات مسلحة لاحقًا يوم الثلاثاء، مع تقارير عن تبادل لإطلاق النار بين جنود إسرائيليين ومقاتلين فلسطينيين، تلاها قصف مدفعي وانفجارات في رفح وشرق خان يونس. وردَّت تقارير بإصابة جندي إسرائيلي واحد على الأقل.
يعيش السكان حالتَيْ قلق وذعر من احتمال تصعيد العمليات: ضَرْبات جوية إسرائيلية إضافية وقصف أوسع قد يطيح بهشاشـة وقف النار. آخر الرفات التي سلَّمتها حماس، وفق نتنياهو، لم تكن من بين ثلاثة عشر جثة لم تسلم بعد؛ بل قالت إسرائيل إنها تعود لأسير استُعيدت جثته من قبل قبل نحو عامين.
حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة طالبت بردود صارمة: وزير المالية بيتساليل سموتريتش دعا لإعادة توقيف الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم ضمن تبادلات «ردًا على خروقات حماس المتكررة والمستمرة»، فيما طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بـ«القضاء التام» على حماس. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية خيارات أخرى تشمل تعطيل تدفق المساعدات الإنسانية المحدود أصلاً إلى غزة، توسيع السيطرة الإسرائيلية على القطاع، أو توجيه ضربات جوية تستهدف قيادات الحركة.
العائلة تنعى
عرف نتنياهو الرفات المسلَّمة يوم الإثنين على أنها تخص أوفير تسرافاتي، الذي اختُطف من مهرجان نوفا الموسيقي خلال هجوم قادته حماس في 7 أكتوبر 2023. استُعيدت جثته في نوفمبر 2023، وتسلمت العائلة في مارس 2024 بقايا إضافية للدفن. وقالت العائلة في بيان إن هذه هي المرة الثالثة التي يضطرون فيها لفتح قبر أوفير وإعادة دفنه.
منتدى الأسرى والمفقودين، وهو الجهة الرئيسية الممثلة لأقارب الرهائن الإسرائيليين، طالب بعقد اجتماع عاجل مع نتنياهو واتهم حماس بأنها «تلاعبت بمشاعرنا بلا مبالاة» و«أهانت أحبّتنا». وقال المنتدى إن الحكومة الإسرائيلية «لا يمكنها ولا ينبغي أن تتجاهل هذا، ويجب أن تتخذ قرارات حاسمة لمواجهة هذه الخروقات».
التحدي الميداني والإنساني
اتفق الطرفان بموجب الاتفاق على أن تسلم حماس رفاة الرهائن إلى إسرائيل، لكن ثلاث عشرة جثة لا تزال بيد الحركة، ما يشكل عقبة أمام المراحل اللاحقة من الاتفاق. تقول حماس إنها تواجه صعوبة في العثور على الجثث وسط الدمار الواسع الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في غزة، رغم تسارع عمليات البحث مؤخرًا مع وصول آليات ثقيلة من مصر.
أعلنت الحركة عبر تطبيق تيليغرام أنها عثرت على جثة أخرى داخل نفق تحت قطاع غزة، وكان مقرَّرًا تسليمها في الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي.
مواقف سياسية وتحليلات
من عمان، قالت مراسلة الجزيرة نور عودة إن هناك ضغوطًا من حلفاء ومعارضين لنتنياهو على حد سواء لمعاقبة حماس على ما جرى. «حتى المعارضة تضغط على نتنياهو قائلةً إن هذا لا ينبغي أن يمر دون رد، وإن حماس تتعمَّد تأخير إعادة الجثث»، نقلت.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي أوري غولدبرغ قال للجزيرة إن النزاع الحالي من غير المرجح أن يقضي على اتفاق وقف إطلاق النار بأكمله، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وشركاء إقليميين مستثمرون بشدة في إنجاح الاتفاق ووضع حد لحملة دامت عامين. وأضاف أن فكرة التفريط فجأة بمزار المساعدات الحيوية وفرصة إنهاء حملة وصفها بـ«الإبادة» لمجرد انتهاك واحد تبدو فكرة «سخيفة».