إسرائيل تسوّي أجزاءً من مدينة غزة بالأرض

قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت بتسوية أحياء كاملة في مدينة غزة كتلةً بعد أخرى، في إطار هجوم بري جديد استهدف ما كان يوماً أكبر مركز حضري في الإقليم.

الحرب الإسرائيلية ضد حماس، التي انطلقت قبل عامين، أتت على مساحات واسعة من قطاع غزة، شملت مدينة رفح جنوباً وبلدة بيت حانون شمالاً. غير أن العمليات السابقة في مدينة غزة لم تشهد هدمًا بهذا الامتداد والوتيرة.

هذه المرة تبدو مختلفة.

صور فضائية حديثة تظهر أن القوات الإسرائيلية تدمر أحياء بأكملها أثناء تقدمها داخل المدينة، من بينها حي الزيتون ومناطق قرب الشيخ رضوان، حيث هدمت الجييش عشرات المباني خلال هذا الشهر، وفق صور ومشاهد تم توثيقها عبر الأقمار الصناعية وشركات التصوير الفضائي.

رغم أن كثيراً من أحياء المدينة لا تزال قائمة، أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن هذه الحملة لن تقتصر على التقدم السريع ثم الانسحاب كما حصل سابقاً؛ بل أن الجيش هذه المرة سيحتفظ بالمناطق التي يستولي عليها. قال في مقابلة هذا الشهر لقناة 14 إن “نستولي على مناطق ونثبتها. ننظفها ونتقدم”.

نتنياهو يصف الهدف بأنه طرد حماس نهائياً من أحد معاقلها الأخيرة في قطاع غزة، لكن حتى داخل إسرائيل هناك شكوك متزايدة حيال قدرة هذه الاستراتيجية على تحقيق نتيجة حاسمة، خصوصاً بعد صمود حماس طوال ما يقرب من عامين من حرب مدمّرة.

الزحف البري الإسرائيلي دفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى ترك منازلهم في مدينة غزة، متجهين صوب مخيمات خيام متضخّمة في وسط وجنوب القطاع. هذا النزوح فاقم كارثة إنسانية كانت قائمة أصلاً: جوع منتشر، تشريد جماعي، وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية والتعليمية والبُنى التحتية. كثير من سكّان غزة المتعبين من الحرب يقولون إنهم لا يستطيعون ولا يريدون التشرد مرة أخرى، وعدد ليس بالقليل منهم لا يجدون منازل يعودون إليها.

يقرأ  بعد أسبوعين على تولّي ترامب السلطة... هل شهدت واشنطن العاصمة تراجعًا في معدلات الجريمة؟

أظهرت مشاهد وصور فضائية أن الجيش استغل مبانٍ قائمة كنقاط انطلاق أو قواعد مؤقتة قبل أن يفجرها ويهدمها وهو يتقدم، ومن بين هذه المشاهد فيديو يُظهر تدمير مدرسة الفرقان التي استخدمها الجيش كموقع عسكري قبل تفجيرها.

بالإضافة إلى الهدم الميداني، واصلت إسرائيل شن ضربات جوية عبر مدينة غزة، مستهدفة مئات الأهداف منذ منتصف سبتمبر. في صورة فضائية عالية الدقة تعود إلى 18 سبتمبر، بدا عدد الخيام أقل مما كان عليه قبل إعلان إطلاق الهجوم البري على المدينة قبل يومين، ومع ذلك ظهرت مئات الخيام لا تزال منتشرة، عديدة منها تبعد نحو ميل واحد فقط عن مركبات عسكرية إسرائيلية.

حتى الان، تقول المصادر المحلية إن مصطفى سيام (44 عاماً) أخيراً نزح من حي الشاطئ الشمالي يوم الأربعاء مع زوجته وأطفاله الثلاثة، بعدما اقتربت القوات وساءت أصوات الانفجارات. مشى جنوباً لساعات على الأقدام حتى بلغ وسط غزة. منزله كان لا يزال قائماً قبل الهجوم الحالي، وقد لا يبقى كذلك عند عودته المحتملة.

“يبدو أن الحرب بلا هدف أو معنى، عدا تدمير قواعد غزة إلى أقصى حد ممكن”، قال سيام.

المسؤولون العسكريون الإسرائيليون صرحوا مراراً بأن لا سياسة رسمية لتسوية أحياء مدنية بأكملها وأن الهجمات تستهدف مواقع تستخدمها حماس، وأن من بين أهدافهم تفجير أنفاق تحت أرضية ومواقع عسكرية أخرى. مع ذلك، أدلت قيادات سياسية وأمنية بتصريحات توحي بإمكانية المضي أبعد من ذلك: وزير الدفاع إسرائيل كاتس هدد في أغسطس بأن مدينة غزة قد تصبح “مثل رفح وبيت حانون” ما لم تضع حماس سلاحها وتفرج عن الرهائن المتبقين، وأعاد إيلي كوهين، أحد وزراء مجلس الأمن رفيع المستوى، نفس النبرة في مقابلة تلفزيونية قائلاً إن “مدينة غزة نفسها يجب أن تكون تماماً مثل رفح، التي حوّلناها إلى مدينة خراب”.

يقرأ  لايل مينينديز ينضم إلى شقيقه بعد رفض طلب الإفراج المشروط في قضية مقتل والديهما بلوس أنجلوس

أضف تعليق