بيروت، لبنان — من المقرر عقد اجتماع حاسم يوم الجمعة يجمع ممثلين عن دول ومنظمات متعددة، من بينهم ممثلون عن اسرائيل ولبنان، في ظل مخاوف من احتمال تجديد عملية عسكرية اسرائيلية أوسع في لبنان.
الاجتماع الذي سيعقد في بلدة الناقورا الجنوبية هو الثاني الذي يشارك فيه ممثلون مدنيون من لبنان واسرائيل، بعد أول لقاء عُقِد في 3 ديسمبر وسط هجمات اسرائيلية. تُعقد هذه الاجتماعات أساساً لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام الماضي، على الرغم من أن اسرائيل خرقت الاتفاق بشكل متكرر.
إجمالي الخسائر والوقائع
منذ 8 أكتوبر 2023 قضى أكثر من 4,000 شخص في لبنان إثر اندلاع الحرب بين اسرائيل وجماعة لبنانية. اتُفق على وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، لكن الأمم المتحدة تقول إنه منذ ذلك الحين قُتل أكثر من 300 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 127 مدنياً. تأتي المحادثات في وقت تتعرض فيه لبنان لهجمات شبه يومية وتهديدات بتوسيع الحرب.
من يجتمع؟
لجنة خاصة تضم ممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا واسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان (يونيفيل)، التي تقع مقرّاتها في الناقورا. تترأس اللجنة شخصية عسكرية أميركية، وكانت في الأصل تتألف من مسؤولين عسكريين، لكن بناءً على ضغوط اسرائيلية، عيّن الرئيس اللبناني يوسف عون (حسب التسمية الواردة) الدبلوماسي سيمون كرام للمشاركة في وقت سابق من هذا الشهر. عينت اسرائيل أيضاً ممثلاً مدنياً من مجلس الأمن القومي، يوري ريزنيك، وشارك المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان مورغان أورتيغوس في الاجتماع.
ما الهدف؟
الخطة الأساسية للجنة هي مراقبة التزام وقف إطلاق النار المُتفق عليه. شروط وقف النار طُمِسَت إلى حد ما، لكن الفرض العام كان أن تتوقف الاعتداءات من الطرفين، وأن تقوم المؤسسة العسكرية اللبنانية بتفكيك تسليح حزب الله في جنوب لبنان، وأن تنسحب اسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة. تقول الجهات اللبنانية إن بيروت أوفت إلى حد كبير بالتزاماتها؛ وصرّح نائب رئيس الوزراء طارق متري في مؤتمر ببيروت أن مهمة الجيش لتفكيك بنية حزب الله جنوب نهر الليطاني قُربت من الاكتمال، عدا في المناطق التي لا تزال اسرائيل تحتلها. مع ذلك، استمرت اسرائيل في انتهاك وقف إطلاق النار وتحتل خمس نقاط في جنوب لبنان.
ما نتج عن الاجتماع السابق؟
اجتمع أعضاء ما يُسمى الآلية في الناقورة في 3 ديسمبر، ووُصِف اللقاء بأنه إيجابي. قالت السفارة الأميركية إن إشراك ممثلين مدنيين “يعكس التزام الآلية بتيسير النقاشات السياسية والعسكرية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار وسلام دائم للمجتمعات المتأثرة”. وأصدر مكتب رئيس وزراء اسرائيل بياناً شدد على احتمال التوصل إلى اتفاقيات اقتصادية مستقبلية مع لبنان، لكن المحللين يرون هذا طموحاً بعيد المنال في ظل استمرار احتلال أراضٍ جنوبي لبنان وتهجير أكثر من 88 ألف لبناني من مناطقهم. وعلى رغم الطابع الإيجابي المُعلن، شنت اسرائيل هجوماً على لبنان في اليوم التالي للاجتماع.
هل تطبيع العلاقات مطروح؟
من جانب لبنان الرسمي، الجواب لا؛ تطبيع العلاقات مع اسرائيل بعد حرب أودت بآلاف الأرواح، بينهم مدنيون كثر، سيستفز شريحة واسعة من الرأي العام. مع ذلك، تمارس الولايات المتحدة واسرائيل ضغوطاً من أجل التوصل إلى اتفاق سلام والتقدم نحو تطبيع. وتُعدّ لقاءات الآلية أيضاً منصة لمحادثات ثنائية بين لبنان واسرائيل اللتين لا تربطهما علاقات رسمية؛ فلبنان يضع ترسيم الحدود على رأس أولوياته، بينما تضع اسرائيل على جدولها مشروع منطقة اقتصادية مدعوم أميركياً.
هل قد تُطلق اسرائيل حرباً جديدة؟
الأمر غير محسوم. تزعم اسرائيل أن حزب الله يعيد تسليح نفسه، بينما يرى محللون أن المجموعة لم تعد تشكّل تهديداً وجودياً لإسرائيل بعد أن أُضعفت خلال الحرب الماضية، وقُتل كثير من قياداته، بمن فيهم قائدها الطويل الأمد حسب التقارير. مع ضعف حزب الله، قد تعتمد قرارية شن حرب على الحسابات السياسية الداخلية داخل اسرائيل ومدى الضغوط الدولية. وفي محاولة لتنسيق المواقف وربما ردع أي تصعيد إسرائيلي، اجتمعت الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا مع قائد الجيش اللبناني في باريس متفقين كذلك على توثيق جهود الجيش اللبنانية لتفكيك بنية حزب الله، وفق وزارة الخارجية الفرنسية.
أين موقع حزب الله من كل ذلك؟
علناً يرفض حزب الله خطط الحكومة اللبنانية لتفكيك سلاحه كاملاً، معتبرًا أن استمرار اسرائيل في الهجوم واحتلال الأراضي اللبنانية يبرر موقفه. كيف سيتصرف الحزب إذا ما تقدمت إجراءات وقف النار في مرحلتها الثانية، حيث يبدأ الجيش اللبناني تفكيك بنية الحزب بين نهري الليطاني والعوالي — المساحة الممتدة من صيدا جنوباً حتى بيروت تقريباً — فذلك أمر لم يتضح بعد. لقد تراجع الحزب عسكرياً وسياسياً منذ الحرب الماضية، لكن المحللين والدبلوماسيين يحذرون من أن أي شعور بأنه محاصر قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية أو ردود فعل غير متوقعة.