طهران — كان من المفترض أن يحيي مطرب إيراني مشهور حفلة ضخمة قرب برج آزادی في طهران كعرض رسمي للوحدة الوطنية بعد حرب استمرت اثني عشر يوماً مع إسرائيل، إلا أن الحفل ألغي في اللحظات الأخيرة بخطوات اتخذتها السلطات.
المتأخر يوم الجمعة كان من المقرر أن يشهد شجريان هُمايون، المغنّي التقليدي البالغ من العمر خمسين عاماً وابن الأسطورة محمد رضا شجريان، حفلة أمام جمهور كبير. لكن السلطات ألغت المناسبة بعد أيام من التكهنات والجدل.
قبل يومين من الحدث أعلن شجريان عبر الإنترنت أن إدخال الآلات والمعدات لأوركسترا مكوّنة من ثلاثين عازفاً منع من الوصول إلى الساحة، كما أشار إلى غياب خطة لدى المنظمين الرسميين لإدارة حشد قد يصل إلى مليون شخص. أظهرت مقاطع متداولة على الشبكات أن عمال بلدية طهران قاموا بلحام بعض بوابات الميدان المحيط بالبرج، مما أعاق إعداد أجهزة الصوت. ويُذكر أن الساحة تُستخدم بانتظام للمناسبات الرسمية، وقد زُيّنت قبل أسابيع لاستضافة مراسم العزاء لمحرّم.
ألقى علي رضا زكاني، النائب السابق والمنتمي إلى التيار المتشدّد والذي يتولى رئاسة بلدية طهران منذ 2021، بالمسؤولية على ضعف التنسيق بين المسؤولين الحكوميين، واقترح نقل الحفل إلى استاد بدلاً من الساحة.
أثار الإلغاء عاصفة من ردود الفعل على الإنترنت تكشف عن انقسامات سياسية واجتماعية في وقت متوتر تتصاعد فيه المخاوف من إعادة فرض عقوبات أممية محتملة من الغرب، ومن احتمال شن إسرائيل والولايات المتحدة ضربات جديدة ضد إيران. بالنسبة إلى بعض الإيرانيين بدا الحفل المجاني في قلب طهران فرصة نادرة لإدخال لحظة فرح وسط معاناة يومية تشمل اقتصاداً مريضاً يعاني تضخماً مزمناً.
بينما رأى آخرون، خصوصاً من المغتربين المنتقدين للنظام الديني، أن الدعوة إلى الحفل كانت محاولة من الدولة لتعزيز نزعة قومية وجمع دعم شعبي مع تزايد الحديث العلني عن تغيير نظام الحكم في إيران. وانتقد بعض المنتقدين المقيمين في الخارج شجريان، متهمين إياه بالانحياز للدولة عبر المشاركة في هذا الحدث، لا سيما وأن والده الراحل كان معروفاً بلقب «صوت الشعب». وكان بعض آخرون يأملون أن يتحول التجمع الكبير إلى منصة لاحتجاجات مناهضة للحكومة.
اقترب نواب متشددون من الحدث بتصريحات تقول إن الحكومــة رتبـت الحفل سريعاً كمحاولة لصرف الأنظار عن انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي، وأزمة مياه، وتدهور قيمة العملة الوطنية. وفي المقابل اعتذرت وزارة الثقافة عن الغاء الحفل قائلة إن «الجميع خسر» فرصة للتعبير عن وحدة وطنية.
دعم الإعلام المحلي الحفل في معظمه، وبدت بعض الصحف المحافظة والمتشددة أقل تحفظاً من المعتاد ودعمت الفكرة، بينما شنّت صحيفة الإصلاحات «شرق» هجوماً على الجالية المعادية للنظام بالخارج ووصفت معارضتهم بأنها متطرفة حتى «أخذت الشعب رهينة».
قال شجريان للصحفيين إنه تقدّم بطلب إقامة الحفل قبل سبع سنوات، ولم تُمنح الموافقات إلا هذا الأسبوع، من دون تفسير رسمي لسبب منعها سابقاً أو السماح بها الآن. وبعد إلغاء الحفل نشر المطرب بياناً مطولاً طالب فيه بعدم تحويل المبادرة إلى أداة سياسية، مؤكداً أن الهدف لم يكن «تغطية المشكلات بل منح لحظة من السرور لمن يستحقها».
على ضوء ذلك تستمر الدولة الإيرانية في التشديد على مفهوم الوحدة، وتستخدم بصورة متزايدة رموزاً وتاريخاً إيرانياً يعود لآلاف السنين قبل الإسلام لإثارة الشعور القومي — سياسات كانت نادرة قبل اندلاع النزاع مع إسرائيل. في الشهور الأخيرة نُصِبت تماثيل لشخصيات إيرانية قديمة، ورافعت لافتات تُظهر ملوكاً فارسيين يصدون غزاة، وترددت أحاديث مكثفة عن سلامة التراب الوطني وسيادته. النص المرسل فارغ ولا يحتوى على أي مادة يمكن اعادة صياغتها أو ترجمتها.