طهران تشجب مخططات واشنطن لاستئناف التجارب النووية وتتهمها بالنفاق تجاه اتهامات البرنامج النووي السلمي
ندّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالدعوات التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لتوجيه البنتاغون إلى “استئناف اختبارات الأسلحة النووية”، واعتبر هذه الخطوة “تراجعية وغير مسؤولة”. وكتب عراقجي في منشور على موقع إكس أن من أعاد تسمية «وزارة الدفاع» إلى «وزارة الحرب» هو بلطجي مسلح نووياً يعيد اختبار الأسلحة الذرية.
وقال عراقجي إن «نفس هذا البلطجي يقوم بتشويه صورة البرنامج النووي الإيراني السلمي ويهدد بشن ضربات إضافية على منشآتنا النووية المحمية، وكل ذلك في انتهاك صارخ للقانون الدولي».
أعلن ترامب مفاجئاً عبر منشور في Truth Social، قبل اجتماعه بالرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة آسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية، أنه طلب من البنتاغون «استئناف اختبارات الأسلحة النووية فوراً وعلى أساس متكافئ» مع دول أخرى مثل روسيا والصين، مبرراً ذلك بأن ترساناتهما قد تضاهي الولايات المتحدة خلال خمس سنوات.
أشار أنكيت باندا، خبير أمن نووي وزميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لقناة الجزيرة إلى أن قرار ترامب يبدو رد فعل على حركات روسية وصينية حديثة أكثر منه مرتبطاً بالخلاف الأميركي الإيراني حول البرنامج النووي. فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع أن موسكو اختبرت طوربيداً نووياً بريداً يعمل بالطاقة النووية من طراز «بوزيدون»، بعد أن أجرت سابقاً اختبارات لصواريخ كروز نووية تعمل بالطاقة النووية من طراز «بورتفيستنيك»، بحسب وكالة رويترز. كما عرضت الصين مؤخراً قدراتها النووية في عرض عسكري أُقيم في سبتمبر، تضمن نظم أسلحة نووية جديدة ومعدّلة مثل الصاروخ الباليستي العابِر للقارات دونغفنغ-5.
مع ذلك، وبحسب بيانات الأمم المتحدة، لم تُجرِ روسيا أو الصين أي انفجار نووي تجريبي — سواء فوق الأرض أو تحتها أو تحت الماء — منذ عقود. ومنع إجراء تجارب نووية منصوص عليه في «معاهدة الحظر الشامل لتجارب الأسلحة النووية» لعام 1996؛ الولايات المتحدة والصين وإيران وقّعوا المعاهدة لكنهم لم يصدّقوا عليها، بينما سحبت روسيا تصديقها عام 2023. كانت آخر تجربة نووية لروسيا عام 1990 حينما كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي، وأخرى للصين عام 1996؛ أما بريطانيا فكانت تجربتها الأخيرة عام 1991، والولايات المتحدة عام 1992، وفرنسا عام 1996. ولا تزال كوريا الشمالية الدولة الوحيدة التي أجرت تجارب نووية خلال العقدين الماضيين، وكانت آخر تجربة لها في 2017.
قال تريفور فايندلي، خبير أمني نووي وزميل فخري مهني في جامعة ملبورن، للجزيرة إنه من غير الواضح نوع الاختبارات التي كان يقصدها ترامب في منشوره. وأضاف أن افتراضه الشخصي هو أن المقصود قد يكون إطلاق صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، كما فعلت روسيا وكوريا الشمالية علناً، وهي عمليات لا تحمل رؤوساً نووية فعلية في العادة (بل رؤوساً وهمية) ولا تُحدث انفجاراً نووياً.
وأوضح فايندلي أن الولايات المتحدة تجري بالفعل اختبارات دورية لصواريخها، سواء للصواريخ الموجودة قيد الخدمة أو قيد التطوير، وغالباً ما تنتهي هذه التجارب بسقوط مراحل أو بقايا في المحيط الهادي، وتُعلن عنها واشنطن لكن دون ضجيج إعلامي مثلما تفعل كوريا الشمالية أو رووسيا.
من جهته، يطالب ترامب بـ«التفكيك التام» للبرنامج النووي الإيراني ويؤكد أنه لا يريد لطهران امتلاك سلاح نووي. وفي يونيو الماضي شنت الولايات المتحدة وإسرائيل ضربات جوية استهدفت منشآت عسكرية ونووية إيرانية إلى حد ما بغرض إبطاء تقدّم البرنامج.
تؤكّد طهران أن برنامجها نووي لأغراض مدنية بحتة وأنها لم تُجرِ أي تجربة نووية إطلاقاً، بحسب أنكيت باندا. وقال باندا للجزيرة: «إيران لم تُجرِ أي اختبارات نووية أبداً. هم يكررون دوماً أنهم لا ينوون صنع قنبلة نووية. الشيء الوحيد الذي قد يُؤخذ بجدية هو بعض اليورانيوم عالي التخصيب. هذا كل ما في الأمر. حتى أنهم لم يختبروا صاروخاً باليستياً نووياً».
