احتجاجات «جيل زد» في بيرو تسفر عن مقتل شخص وإصابة نحو ١٠٠ آخرين.. وفتح تحقيق رسمي

ليما (أسوشييتد برس) — تحولت الاحتجاجات التي يقودها ناشطون من جيل زد للمطالبة باستقالة رئيس بيرو إلى أعمال عنف ليلية، ما دفع السلطات يوم الخميس إلى فتح تحقيق على خلفية وفاة مدني واحد على الأقل. وأفادت السلطات بإصابة نحو 100 شخص، بينهم 80 من أفراد الشرطة وعشرة صحفيين.

انطلقت الاحتجاجات قبل شهر للمطالبة بتحسين معاشات المتقاعدين ورفع أجور الشباب، ثم توسعت لتشمل استياءً أوسع لدى بيروفيين أنهكهم ارتفاع الجريمة والفساد وعقود من الإحباط تجاه حكوماتهم.

بعد أداء اليمين في 10 أكتوبر لرئيس سابع خلال أقل من عقد، دعا المحتجون إلى استقالة الرئيس الجديد وبعض النواب.

أعلنت النيابة العامة في بيرو يوم الخميس أنها تحقق في مقتل المتظاهر ومغنّي الهيب هوب إدواردو رويز (32 عاماً)، وقالت إنّه سُطع برصاصة نارية أثناء تظاهرة شارك فيها آلاف الشباب. وذكرت النيابة على منصة “إكس” أنها أمرت بنقل جثمان رويز من مستشفى في ليما وجمع الأدلة السمعية والبصرية والبالستية في مكان الحادث في سياق شكاوى عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

أظهرت وسائل إعلام محلية وكاميرات مراقبة فيديو يظهر رويز وهو ينهار في شارع بليما بعد أن أطلق رجل كان يفرّ من بين المتظاهرين رصاصة. وأفاد شهود أن مطلق النار كان يركض بينما يُتهم بأنه شرطي بزي مدني تسلل إلى المتظاهرين.

وقال مكتب المدافع عن الشعب في بيرو إن 24 متظاهراً على الأقل و80 من عناصر الشرطة أصيبوا خلال التظاهرات. وأضافت الجمعية الوطنية للصحفيين أن ستة صحفيين أصيبوا بشظايا مطاطية وأن أربعة آخرين تعرّضوا لاعتداء من قبل الشرطة.

تأتي احتجاجات بيرو ضمن موجة احتجاجات تتفاعل في أنحاء العالم، مدفوعة بسخط جيل الشباب على أنظمة الحكم وغضبهم من الأوضاع. شهدت بلدان مثل نيبال والفلبين وإندونيسيا وكينيا والمغرب وبيرو احتجاجات أحياناً رفع فيها المتظاهرون أعلاماً سوداء تحمل رمز أنمي «ون بيس» — جمجمة قراصنة ترتدي قبعة قش.

يقرأ  مأزق سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة— أخبار دونالد ترامب

في ساحة ليما الرئيسية، قال الكهربائي البالغ من العمر 27 عاماً ديفيد طافور إنه قرر الانضمام إلى التظاهرة بعد أن اطلع عليها عبر تطبيق تيك توك. وأضاف: «نحن نحارب من أجل الشيء نفسه — ضد الفاسدين — الذين هنا أيضاً قتلة»، في إشارة إلى الاحتجاجات العنيفة العام 2022 وقمع الحكومة الذي أودى بحياة 50 شخصاً.

وتصاعدت التوترات بعد أيام قليلة من إقالة الكونغرس للرئيسة دينا بولوارتي؛ التي كانت تُعد واحدة من أقل الرؤساء شعبية عالمياً بسبب قمعها للاحتجاجات وفشلها في احتواء موجة الجريمة. ثم تولى خوسيه جيري (38 عاماً) رئاسة الكونغرس وتولى مهام الحكم مؤقتاً، متعهداً بالسيطرة على موجة الجرائم الأخيرة، كما أدى إرنستو ألفارز اليمين كرئيس للوزراء — شخصية يمينية متشددة ومعروفة بنشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي.

أعربت الرئاسة عن الأسف لوفاة المتظاهر، ولم يدلِ ألفاريز بتصريح حول الحادث حتى الآن، رغم أنه وصف في تصريحات سابقة جيل زد في بيرو بأنه «عصابة تسعى لانتهاك الديمقراطية ولا تمثل الشباب الذي يدرس ويعمل».

وتعرّض جيري لانتقادات سريعة بعدما واجه تحقيقاً إثر اتهام امرأة له باغتصابها. أغلقت النيابة الملف في أغسطس، لكن التحقيقات مستمرة بشأن رجل آخر كان برفقته يوم الحادث المزعوم. كما ندد المحتجون بجيري لأنه، كعضو في البرلمان، صوّت لصالح ستة قوانين يقول خبراء إنها تُضعف مكافحة الجريمة.

المتظاهرون طالبوا باستقالة جيري ونواب آخرين وإلغاء القوانين التي يقولون إنها تفيد جماعات إجرامية. وخلال المواجهات، هتفت أكثر من عشرين امرأة «المغتصب هو جيري» أو «جيري هو كمان» — وهو تعبير عامي في بيرو حيث تُستخدم كلمة «كمان» للدلالة على المغتصب. وأطلق المحتجون ألعاباً نارية تجاه الشرطة التي ردت بغازات مسيل للدموع وطلقات مطاطية.

يقرأ  كييف تتعرّض لهجوم روسي هائل — بحسب عمدة المدينة

يتغذى هذا الغضب على عقود من الإحباط لدى البيروفيين الذين شهدوا زعماءهم يتورطون في فضائح فساد سنة بعد أخرى، ما غذّى شعوراً واسعاً بالتشاؤم والخداع في صفوف كثير من الشباب.

قال عمر كورونيل، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الكاثوليكية البابوية في بيرو والمتخصص في الحركات الاجتماعية: «بعد قضية المعاشات تبعت إحباطات أخرى — مرتبطة بانعدام الأمن وتآكل قدرة الدولة في بيرو والفساد».

أعادت مشاهد العنف إلى الأذهان الاحتجاجات الدموية في الأشهر الأولى من حكومة بولوارتي، حين قتل 50 متظاهراً. وحمل متظاهرون لافتات كُتب عليها «التظاهر حق، والقتل جريمة». وظهرت امرأة تحمل لافتة كتب عليها «من قاتلة إلى مغتصب، نفس القذارة»، انتقاداً لتبدّل السلطة.

وختم طافور قائلاً: «بالنسبة لي، الأمر يرتكز على الغضب من إساءة استعمال السلطة والفساد والقتل».

أضف تعليق