احتفالات في الضفة الغربية وقطاع غزة بمناسبة إطلاق سراح الأسرى

راماللـه، الضفة الغربية المحتلة — استُقبل مئات الأسرى والمفرَج عنهم بدموع وصيحات فرح وهم يعودون إلى أحضان ذويهم في غزة والضفة الغربية بعد الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية.

خرج من سجناء مدانين حوالي 250 شخصاً، بينهم من أُدينوا بجرائم قتل وهجمات قضت على أرواح إسرائيليين، فيما شمل الإفراج نحو 1,700 معتقل من غزة كانوا محتجزين لدى السلطات الإسرائيلية دون توجيه تهم رسمية. عند نزول بعضهم من حافلة الصليب الأحمر في رام الله كانوا يلفّون أنفسهم بالشماغ التقليدي، باهتِين ونحيلين، وبعضهم كاد يتعثر عند المشي.

جاء الإفراج كجزء من صفقة تبادل أطلقت بموجبها حركة حماس سراح نحو 20 رهينة إسرائيلياً، ومن المتوقع أيضاً إعادة رفاة بعض الرهائن الذين قتلوا. قال عمرو عبد الله، (24 عاماً) الذي كان ينتظر ابن عمه راشد عمر (48 عاماً) المعتقل منذ يوليو 2005 والمحكوم بالسجن المؤبد بعد إدانته بجرائم قتل وغيرها: «هو على استعداد لاحتضان الحرية».

وأضاف أحد أقاربٍ آخر: «أريد السلام، أريد أن أعيش حياة سعيدة، آمنة وسلمية، بلا احتلا وبدون قيود»، مع تحفّظ العائلات غالباً عن مخالطة الإعلام بعدما حذّرها الجيش الإسرائيلي من التحدث إلى وسائل الإعلام. ويُعتقد أن نحو مئة سجين أُطلق سراحهم إلى الضفة الغربية، فيما جرى ترحيل آخرين، وقليلون أُطلق سراحهم إلى القدس الشرقية.

في غزة، تجمع الناس أمام مستشفى ناصر في خان يونس مترقبين استقبال ذويهم، وقد أُقيم مستشفى ميداني مجاور لاستقبال الوافدين. قال محمد حسن سعيد داوود (50 عاماً) للبي بي سي إنه جاء ليتسلم ابنه الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية عند حاجز: «هذا شعور جميل جداً — يوم فرح»، وأضاف: «نعتبره عيداً وطنياً، فرج المعتقلين على الرغم من ثمن الحرب من شهداء وجرحى ودمار في غزة».

يقرأ  بعد العرض العسكري الكبير في بكين: شي جينبينغ وكيم جونغ أون يعقدان مباحثات

وقال خليل محمد عبدالرحمن القطروس، الذي جاء أيضاً لاستلام ابنه المحتجز نحو ثلاثة أشهر: «هناك فرح وهناك ألم، سعادة وحزن… جئنا ننتظر إطلاق سراحهم، كنا نتوقع وصولهم الساعة العاشرة والآن تجاوزت الساعة الثانية عشرة وما زلنا ننتظر متوترين».

استعدت إسعافات الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله بسيارات إسعاف لمعالجة أي جرحى، ووصف متطوع التمريض إبراهيم إيفاني (23 عاماً) حال العائلات بأنها مزيج من البكاء والصمت الذي يعكس مدى الألم والفرح في آن واحد. وأفاد عدد من المسعفين وأقارب الأسرى بأن بعض المفرَج عنهم في رام الله تعرضوا للضرب خلال الأيام السابقة لعملية الإفراج.

لا تستطيع بي بي سي التحقق من كل مزاعم سوء المعاملة داخل السجون الإسرائيلية، لكن محكمة إسرائيلية عليا أفادت الشهر الماضي بأن الأسرى الفلسطينيين لم يتم تزويدهم بغذاء كافٍ. وأبلغت مؤسسات حقوقية ومحلية عن حالات تعذيب وإضرار متعمدة بحق المعتقلين؛ وقالت آية شريطة (26 عاماً) من نادي الأسرى الفلسطيني إن «حقوقهم انتُهكت بأشد الطرق»، وإن معظم الأسرى العام الماضي تعرّضوا للتجويع المتعمد والتعرّض للأمراض، ما ترك أجسادهم ضعيفة إثر الحرمان والضرب.

ورغم ذلك عبّرت منظمات وأسر عن أملٍ أن يمنح هذا اليوم دعماً لحرية حتمية لا تُوقفها الظروف. تشكل عملية التبادل جزءاً من المرحلة الأولى من خطة السلام المرتبطة بمبادرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في سياق الحرب التي اندلعت بعد هجمات قادتها حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1,200 شخص وأسر 251 آخرين حسب تقارير. وردّت إسرائيل بهجوم واسع أودى بحياة عشرات آلاف الفلسطينيين — وتعلن وزارة الصحة التي تديرها حماس أن عدد القتلى تجاوز 67,682 — قبل أن يدخل الهدوء حيز التنفيذ يوم الجمعة، مع توقع استئناف المفاوضات حول مراحل لاحقة من الخطة.

يقرأ  لقطة درامية لانهيار طيني — مصوّرة في اليابان وليست في باكستان

في خلفية هذا المشهد، لا تزال مشاعر الفرح مختلطة بالألم والانتظار، بينما يسعى الجميع إلى يوم يعود فيه المعتقلون إلى حياتهم ومعيشتهم بعد سنوات من الفراق والحرمان تحت ظلّ واقعٍ يطلب حلاً سياسياً وإنسانياً عاجلاً يضع حداً للمعاناة والاحتلا.

أضف تعليق