توفي رئيس وزراء كينيا الأسبق رايلا أودينغا في 15 اكتوبر 2025، بحسب تقارير رسمية نتيجة سكتة قلبية أثناء خضوعه للعلاج في الهند. أعقبت الوفات موجة واسعة من المعلومات المضللة على الإنترنت، حيث انتشرت مقاطع وصور ادّعي أصحابها أنها تُظهر اللحظات الأخيرة والأثر اللاحق لوفاته. إلا أن هذه المواد مزيفة؛ بعضها يُخطئ في تحديد الأشخاص والأماكن، وبعضها الآخر نتج عن أدوات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي.
يحظى أودينغا بمحبة مؤيديه الذين يلقبونه بـ«بابا»، وتوفي في ولاية كيرالا بالهند عن عمرٍ يناهز ثمانين عاماً. نُقلت جثته إلى كينيا حيث توافد عشرات الآلاف إلى المطار لاستقبالها. أعلن الرئيس ويليام روتو حداداً وطنياً لمدة سبعة أيام، ووضعت الجثة في قاعة البرلمان للتأبينة قبل أن تُعرض على الجمهور في نيروبي وكيسومو. أسفرت تدافع الجماهير خلال مراسيم الحداد عن سقوط ما لا يقل عن خمسة قتلى وإصابة عشراتٍ آخرين.
أُقيمت مراسم دفن أودينغا في 19 أكتوبر في منزله العائلي في بوندو بغرب كينيا بعد جنازة رسمية في نيروبي حضرها مسؤولون أفارقة وأُجريت بمراسم عسكرية كاملة.
نشأ أودينغا في أسرة سياسية؛ والده جياراموجي أوجينغا أودينغا كان نائب رئيس كينيا الأول، وهو من قبيلة اللوو. كانت بداياته السياسية مليئة بالاعتقالات والمنفى نتيجة معارضته لحكم الحزب الواحد للرئيس دانيال أبار موى، ما جعله شخصية محورية في الحركة التي أدت إلى إرساء نظام تعددي للأحزاب في تسعينيات القرن الماضي. ترشّح للرئاسة خمس مرات وخدم كرئيس للوزراء بين 2008 و2013 في حكومة تقاسم للسلطة عقب الانتخابات المتنازع عليها عام 2007 التي شهدت أعمال عنف أودت بحياة أكثر من 1,100 شخص.
بعد وفاة أودينغا، انتشرت بسرعة مزاعم كاذبة على المنصات الرقمية.
صورة قديمة متحركة
—————-
نُشر أحد المقاطع على فيسبوك بعد ساعات من إعلان الوفاة، ويُظهر ما يُفترض أنه أودينغا مستلقياً على سرير بينما يغطيه طاقم المستشفى بملاءة بيضاء، مع عبارة مكتوبة على الفيلم تقول: «نهاية عصر: شاهدوا اللحظات الأخيرة لرايلا أودينغا». انتشر الفيديو أيضاً على تيك توك بمزاعم مماثلة.
أجرت وكالة فرانس برس فحوصات عكسية للصور على لقطات مفتاحية من المقطع، فتبين أن هناك صورة مطابقة أُخذت عام 2017 ونشرتها وسائل محلية في 9 يوليو 2017، مع تقرير يفيد بدخوله مستشفى مومباسا ثم خروجه في اليوم التالي بعد أن تبين أنه مصاب بجفاف بسيط ونُقل للعلاج. دلائل عدة تشير إلى أن الصورة الأساسية حُوّلت إلى فيديو باستخدام أدوات تحويل الصور إلى مقاطع متحركة: أولاً، الإطار الأول مطابق تماماً للصورة الأصلية، وهو أسلوب شائع في أدوات الذكاء الاصطناعي التي تبدأ بصورة ثابتة وتولّد الحركة منها. ثانياً، تشوّه أصابع الممرض الظاهرة ومظهر ظهور جيبٍ مفاجئ على قميصه بعد ثانيتين يعدان مؤشرات واضحة على تلاعبٍ مولّد بالذكاء الاصطناعي.
مُنعَزِل يبكي — خطأ في التعرّف على النائب
—————————————–
في اليوم نفسه نُشر مقطع آخر على منصة X زُعم أنه يُظهر أرملة أودينغا، الدكتورة عيدا أودينغا، وهي تبكي في منزل العائلة الريفي في بوندو بمقاطعة سيايا. يظهر في المقطع امرأة ترتدي فستاناً أحمر تصرخ وتبوح بحزنها بينما يصورها بعض الحاضرين بهواتفهم. لكن الادعاء غير صحيح: كانت زوجته في منزل العائلة بكارن في نيروبي صباح يوم الوفاة، ووصلت إلى بوندو في 18 أكتوبر 2025، ولم تُسجّل أي لقطات موثوقة لها وهي تبكي بهذا الشكل علناً. أظهرت عمليات البحث العكسي أنه من المرجح أن المقطع يُظهر سكاناً محليين ينعون أودينغا في بوندو، وزاوية مختلفة منشورة على تيك توك أكدت أن المرأة في المقطع ليست أرملته.
مقاطع من هايتي استُخدمت كأنها من كينيا
————————————-
في 18 أكتوبر، أثناء نقل الجثمان إلى كيسومو لعرضه في ملعب جومو كينياتا في مامبلويو ثم إلى منزل العائلة في بوندو، انتشر مقطع آخر زُعم أنه يظهر حشوداً في شوارع كيسومو. أجرينا فحوصات عكسية ووجدنا أن اللقطة قديمة وغير مرتبطة بوفاة أودينغا: ظهر نفس المقطع في تغطية قناة فرانس 24 في 10 يونيو 2019 عن احتجاجات في هايتي، ويمكن سماع نفس الهتافات في الثانية 1:31 من النسخة الأصلية. تعزّزت الصلة بعناصر مرئية كواجهات المتاجر واللافتات التي تطابقت مع المشهد الأصلي في هايتي. كما نُشِرت نسخة من المقطع آنذاك على يوتيوب عبر وكالة الأسوشيتد برس بعنوان احتجاجات هايتي.
صور مولَّدة بالذكاء الاصطناعي
—————————
في الليالي التي سبقت نقل الجثمان إلى كيسومو أُقيمت سهرات تأبينية في المدينة، وانتشرت صورة تُظهر حشداً كبيراً ولافتة بالسوَهِلي تقول «بابا we love you»، وزُعم أنها من كيسومو أو من مراسم وداع في نيروبي. أظهرت عمليات البحث أن صورَ السهرة وصور الملعب التي انتشرت عائدةٌ لحساب على تيك توك باسم «normantv254»، يقوم في الغالب بنشر مرئيات مولَّدة بالذكاء الاصطناعي ولديه نسخ مختلفة من الصور نفسها معلّمة بأنها مُنشأة بالذكاء الاصطناعي. لم نعثر على أي مصدر موثوق نشر صورة السهرة التي تحمل لافتة «بابا we love you». كما أن الشكل البنيوي الحقيقي لملعب جومو كينياتا يختلف بوضوح عما نُشر افتراضياً: السقف، وأماكن المداخل والمخارج، وتصميم المنشأة لا تتطابق مع الصور المفترضة.
خلاصة
—–
أعقبت وفاة رايلا أودينغا في الهند انتشار سريع لمحتوى مضلل ومزور رقمياً: بعض المواد مأخوذة من أرشيفات سابقة وأخرى محرّكة آلياً، وبعضها يختلط فيه المشهد والهوية — سواء عبر خلط لقطات من دولٍ أخرى أو عبر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد صور ومقاطع لا تمتّ إلى الأحداث بصلة. من الضروري التحقق من المصادر الأصلية واللجوء إلى الفحوصات العكسية للصور والفيديو قبل إعادة النشر أو تداول المزاعم.